القدس المحتلة - خاص صفا
في محاولة خطيرة لإغلاق فضاء المسجد الأقصى المبارك، ومحاكاة قبابه الإسلامية، شرعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بإعادة ترميم كنيس يهودي يقع غربي المسجد على بعد 250 مترًا، بعد عقود من إقامته على أرض إسلامية في "حارة الشرف" بالقدس القديمة.
ومنذ احتلال مدينة القدس عام 1967، تواصل سلطات الاحتلال بناء الكنس اليهودية بالمدينة ومحيط الأقصى، بهدف طمس المعالم الإسلامية العربية، وتعزيز الوجود اليهودي فيها، لجعلها مدينة تضم عديد المعالم الدينية اليهودية.
وتشهد المدينة هجمة إسرائيلية لم تتوقف، وزيادة غير مسبوقة بمحاولة تهويدها لتعزيز السيطرة الإسرائيلية الكاملة عليها، وإغلاق فضاء الأقصى وتطويقه بمعالم مستحدثة ومستجدة ذات دلالات يهودية، لتهويد المنظر الإسلامي العام في القدس القديمة بشواهد معبرنة.
ترميم وتطوير
و"فخر إسرائيل".. كنيس قديم تم بناؤه على أرض إسلامية أواخر القرن التاسع عشر، وكان في الأصل عبارة عن ضريح وقبر لولي مسلم الشيخ أبو شوش دُفن في "حارة الشرف" بالبلدة القديمة.
وكانت تحصنت به عصابات "الهاجاناة" الصهيونية، واستخدمته لإطلاق النار عام 1948، على القوات الأردنية التي كانت تسيطر على مدينة القدس آنذاك، مما دفع القوات الأردنية لقصفه بالمدافع، فانهار المبنى وبقي منه بضع آثار.
وادعى اليهود أنهم اشتروا قطعة الأرض في العهد العثماني، إلا أن روسيا بنت على أنقاضه كنيسة روسية، وقبل عام 1948، استولت مجموعة يهود على المقام وتم ترميمه، وإقامة مركز مراقبة عسكرية لفحص ومراقبة المسلمين الوافدين من وإلى الأقصى، يقول الباحث في شؤون القدس فخري أبو دياب.
ويضيف أبو دياب في حديثه لوكالة "صفا" أنه وبعد احتلال القدس طلبت ما تسمى "لجنة ترميم وتطوير الحي اليهودي" من بلدية الاحتلال و"اللجنة اللوائية للبناء والتنظيم" بترميم الكنيس وإضافة طوابق جديدة عليه.
وفي بداية عام 2015، بدأت سلطات الاحتلال بإضافة أربعة طوابق جديدة للكنيس، إضافة إلى طابقين تحت الأرض يفصل ين ساحة البراق و"حارة الشرف"، وتعلوه قبة ضخمة.
ويوضح أن حكومة الاحتلال رصدت ميزانية تصل إلى 13.5 مليون شيكل لأجل إعادة ترميمه، لتبلغ مساحة البناء الإجمالية 1400 متر مربع، وارتفاعه 23 مترًا عن سطح الأرض.
ويشير إلى أن الطابق الأول يستخدم كمتحف لعرض آثار من "بقايا الهيكل" المزعوم، فيما يخصص الطابق الثاني كمركز للزوار والترويج لروايات مضللة وللتراث الديني اليهودي، والطابق الثالث مخصص للصلاة ويستخدم لتعليم "التوارة" والتعاليم الدينية اليهودية، ولتدريب ما يسمى "كهنة المعبد".
ويبين أن الطابق العلوي سيكون عبارة عن مطلة لمراقبة المنطقة، وحمامات وصالة وخدمات، وتعلو الكنيس قبة يهدف إقامتها للتشويه والتضليل، ولمحاكاة قبة الصخرة المشرفة وقباب الأقصى.
أهداف ومخاطر
والهدف من إعادة ترميم الكنيس-وفقًا لأبو دياب- حجب الرؤية عن الأقصى، وإخفاء المعالم العربية والإسلامية، التي تدلل على عروبة وهوية المدينة المقدسة.
وبحسبه، فإن الكنس اليهودية تعتبر أداة من أدوات الاستيطان الأيدلوجي الديني، والتي تعمل سلطات الاحتلال على بنائها في محيط الأقصى لأجل عبرنته ومحاصرته، وصولًا لتسهيل الانقضاض عليه وتغيير واقعه التاريخي وفق مخططات الاحتلال، كخطوة تسبق محاولات تهويده من الداخل وإقامة "الهيكل" المزعوم.
ويلفت إلى أن كل الكنس والمدارس الدينية اليهودية التي تقيمها سلطات الاحتلال هي جزء من محاولته لطمس الهوية العربية والإسلامية لمدينة القدس.
ويؤكد أبو دياب أن الاحتلال يسعى بكافة الطرق والوسائل لإثبات أحقيته في القدس، عبر تزييف التاريخ وطمس الحقائق، وتشويه المشهد العمراني الإسلامي في المدينة، وخلق نموذج عبري فيها.
وأقامت سلطات الاحتلال 102 كنيس ومدرسة دينية في محيط المسجد الأقصى، يستخدمها المتطرفون اليهود للحث على هدم المسجد المبارك ومحاصرته.
ويبين أن الاحتلال تعمد بناء الكنيس اليهودي غربي الأقصى بتصميم معماري ضخم بحيث يُشوه مشهده البصري العام ويسيطر عليه بشكل كامل، ولكي يُحاكي قبابه، وكنيسة القيامة في البلدة القديمة.
ويتوقع افتتاح هذا الكنيس بعد الانتهاء من العمل على طبقاته العليا، وتحديدًا فيما يسمى "عيد الفصح" اليهودي القادم، في شهر نيسان/ أبريل القادم.
د م/ر ش