يوافق يوم الأحد، الذكرى الـ 20 للعملية البطولية التي نفذتها كتائب الشهيد أبو علي مصطفى الجناح العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بقتل وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي بسلاحٍ كاتمٍ للصوت.
وجاءت تلك العملية النوعية، التي وقعت في عام 2001، ردًا على اغتيال الأمين العام للجبهة آنذاك أبو علي مصطفى.
ولم يكن اغتيال الوزير "زئيفي" بالحدث العابر، نظرًا لما تبعه من أحداث وعمليات انتهت باعتقال منفذي العملية وبرفقتهم الأمين العام للجبهة الشعبية أحمد سعدات، وذلك بالتنسيق بين السلطة الفلسطينية وأجهزة المخابرات الإسرائيلية.
وبعد مرور 40 يومًا على اغتيال أمينها العام أبو علي مصطفى بقصف طائرات الاحتلال مكتبه برام الله في تاريخ 27-8-2001، قررت الجبهة الشعبية الانتقام والثأر، وكان هدفها الوزير "زئيفي".
تفاصيل العملية
وفي تاريخ 16/10/2001، دخل منفذو العملية، وهم مجدي الريماوي، حمدي قرعان وباسل الأسمر، إلى فندق "ريجنسي" الذي كان يقيم فيه "زئيفي"، بجوازات مزورة حاملين مسدسات كاتمة للصوت، وحجزوا غرفة بداخله، وبدأوا التجهيز للعملية من داخل الفندق.
وفي صباح اليوم التالي، خرج المقاومون الثلاثة من غرفتهم ثم انتشروا واحد أمام مداخل الفندق، والثاني على مدخل الطابق الثامن، واتجه الثالث حمدي القرعان إلى درج الطوارئ وصعد إلى الطابق الثامن الذي توجد فيه الغرفة رقم 816 التي يقيم بها زئيفي.
وكان زئيفي قد خرج لتناول طعام الفطور في قاعة الطعام، فانتظر القرعان، وبعد ربع ساعة عاد زئيفي متجهًا إلى غرفته، فقام القرعان بمناداته بـ"هيه"، فالتفت زئيفي، ومن ثم أطلق القرعان النار عليه فاستقرت 3 رصاصات في رأسه، مما أدى لإصابته إصابة بالغة الخطورة.
وفور تنفيذ العملية، انسحب المقاومون الثلاثة من الفندق، وتم نقل زئيفي إلى مستشفى "هداسا"، وحاولت الطواقم الطبية الإسرائيلية معالجته إلا أنه كان قد فارق الحياة.
وشكلت عملية اغتيال زئيفي، الجنرال السابق في جيش الاحتلال، والوزير الذي دعا إلى سياسة "الترانسفير" ضد الفلسطينيين وأحد أهم مؤسسي "إسرائيل"، ضربة كبيرة في الوسط الإسرائيلي من ناحية سرعة الرد ونوعية الهدف.
كما شكلت ضربة كبيرة لصورة الاحتلال أمام الفلسطينيين أولًا، والذين رفعت العملية من الروح الوطنية لديهم، بغض النظر عن انتماءاتهم في فلسطين والشتات.
ومثلت صدمة للاحتلال، إذ عبّر عنها رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق آرييل شارون آنذاك، حين قال: "كل شيء تغيّر"، مع إطلاقه وابلًا من التهديدات ضد الفلسطينيين ورئيسهم في ذلك الوقت الراحل ياسر عرفات.
وحاولت "اسرائيل" اعتقال منفذي عملية الاغتيال من خلال شن عملية واسعة نفذها جيشها وأجهزتها في الضفة الغربية المحتلة، إلا أنها فشلت في ذلك.
مؤامرة الاعتقال
وفي يناير عام 2002، تكشفت نتائج مؤامرة سياسية بين أجهزة مخابرات الاحتلال وأمن السلطة، حينما اعتقلت الأخيرة منفذي العملية الثلاثة (الريماوي، القرعان والأسمر)، بالإضافة للأمين العام للجبهة الشعبية أحمد سعدات والقائد العام لكتائب أبو علي مصطفى عاهد أبو غلمة، وقامت السلطة بمحاكمتهم وقررت سجنهم في المقر الرئاسي برام الله.
وفي آذار/ مارس عام 2002، فرض جيش الاحتلال حصارًا على مقر الرئيس الراحل ياسر عرفات، الموجود فيه قتلة "زئيفي"، وتم توقيع اتفاق بين السلطة و"إسرائيل" يتم بموجبه "نقل المنفذين الثلاثة المعتقلين إلى سجن أريحا".
وفي أيار/ مايو 2002، جرى نقل قتلة "زئيفي" وبرفقتهم أحمد سعدات وعاهد أبو غلمة إلى سجن "أريحا" بحراسة من قبل قوات خاصة أمريكية-بريطانية، لكن في 14 مارس 2006 نفذت "إسرائيل" عملية ضد سجن أريحا أطلقت عليها اسم "عملية جلب البضائع".
واعتقلت "إسرائيل" منفذي العملية، وحولتهم إلى محاكمها التي قضت بدورها بسجن الريماوي 106 أعوام، والقرعان 125 عامًا، والأسمر 60 عامًا، وسعدات بالسجن لمدة 30 عامًا، بتهمة "رئاسة تنظيم سياسي محظور"، بالإضافة للحكم على أبو غلمة بالسجن 31 عامًا بتهمة "قيادة منظمة عسكرية".
وكانت كتائب الشهيد أبو علي مصطفى أصدرت بيانًا رسميًا تبنت فيه العملية، قائلة: إن" مجموعة الشهيد وديع حداد الخاصة التابعة لكتائب الشهيد أبو على مصطفى أقدمت على اغتيال رمز من رموز الحقد الصهيوني الإرهابي المجرم رحبعام زئيفي صاحب فكرة الترانسفير العنصرية".
ورغم مرور 20 عامًا على العملية البطولية، إلا أن الاحتلال ما يزال يواصل اعتقال الأمين العام للجبهة أحمد سعدات، و40 قياديًا آخر يقضون أحكامًا مختلفة.
ووضعت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، اسم سعدات، على رأس صفقات تبادل الأسرى، والتي لم يكن آخرها صفقة "وفاء الأحرار"، التي تم بموجبها إخلاء سبيل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط عام 2011، مقابل الإفراج عن 1027 أسيرًا وأسيرة.
لكن "إسرائيل" رفضت حينها، الإفراج عنه، ورغم ذلك، فإن اسم سعدات، وقادة مقاومة أخرين سيكونون ضمن قوائم أسماء الأسرى في صفقات تبادل قادمة ينتظرها الفلسطينيون وأهالي الأسرى والأسيرات بفارغ الصبر.
وخلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2014، أسرت كتائب القسام أربعة ضباط وجنود إسرائيليين ترفض الإفصاح عن أية معلومة تتعلق بهم، قبل إطلاق الاحتلال سراح محرري صفقة "وفاء الأحرار" الذين أعاد اعتقالهم بالضفة الغربية المحتلة.