كشف الباحث المختص في شؤون القدس فخري أبو دياب عن تفاصيل أضخم مجمع استيطاني اقتصادي ترفيهي أقامته سلطات الاحتلال الإسرائيلي في منطقة "السهل الأحمر" شرقي القدس المحتلة، بعدما جرى مصادرة آلاف الدونمات الفلسطينية، لخدمة آلاف المستوطنين.
وفي تفاصيل المخطط الاستيطاني، يقول أبو دياب لوكالة "صفا"، إن المخطط قائم على مساحة 100 ألف متر مربع على أراضٍ مقدسية خاصة تعود ملكيتها لأهالي بلدة سلوان، الذين يمتلكون كل الأوراق الثبوتية الرسمية لذلك.
واستولت سلطات الاحتلال قبل سنوات، على هذه الأراضي بشكل عسكري، لغرض إقامة مناورات وتدريبات عسكرية، وتم تسجيلها كـ"أراضي دولة".
ويضيف أبو دياب أن المجمع الاستيطاني يقع بالقرب من مستوطنة "معاليه أدوميم" شرقي القدس، وتبلغ تكلفة بنائه 730 مليون شيكل بدعم من حكومة الاحتلال، ومؤسسات إسرائيلية، ومن مستثمرين يهود في العالم.
أهداف ممنهجة
ويحاكي المشروع الإسرائيلي-وفقًا لأبو دياب- مدينة فينيسيا الإيطالية من حيث التصميم وضخامة البناء، ويتضمن مراكز تجارية وترفيهية، وقنوات للمياه، ومواقف للسيارات ومطاعم وفنادق تم تصميمها على الطراز الغربي الحديث، وعلى نمط البندقية.
ويُشرف على المشروع الاستيطاني، الذي جرى افتتاحه في أيلول/ سبتمبر الماضي، وزارة الإسكان الإسرائيلية، وعدة مؤسسات تُعني بشؤون الاستيطان.
ويؤكد أن الاحتلال تعمد من خلال إقامة هذا المجمع الاستيطاني، غرس مفاهيم وثقافة غربية تتناسب مع الثقافة والعقلية اليهودية، بعيدًا عن حضارتنا وتاريخنا وعاداتنا العربية الفلسطينية.
ويوضح أن المشروع في ظاهره يبدو كأنه مجمع ترفيهي اقتصادي، لكن في حقيقته عسكري استراتيجي له أهداف إسرائيلية ممنهجة تستهدف القدس خاصةً والقضية الفلسطينية عامةً.
وتسعى سلطات الاحتلال، من خلال هذا المشروع الضخم، إلى قطع أي تواصل جغرافي ما بين القدس والضفة الغربية المحتلة من الناحية الشرقية، وعدم إمكانية إعادة الأرض لتكون فلسطينية، بالإضافة إلى جلب المزيد من المستوطنين للمنطقة المستهدفة.
ويشير إلى أن 70 ألف مستوطن يعيشون في محيط إقامة المشروع، من بينهم 50 ألف مستوطن في مستوطنة "معاليه أدوميم"، و20 ألف آخرين في التجمعات الاستيطانية الأخرى.
ويهدف الاحتلال لزيادة العدد من خلال إقامة هذا المجمع الاستيطاني، والذي يشكل خطوة أخرى على طريق الضم الفعلي والعملي للمستوطنات في تلك المنطقة، كما يوضح أبو دياب.
انعكاسات خطيرة
ولا تتوقف مساعي الاحتلال عند ذلك، بل تريد محاصرة التجمعات الفلسطينية شرقي القدس، وتشويه الطراز المعماري العربي للمنطقة، وتغيير الخارطة الهيكلية في تلك المنطقة، وفرض نمط جديد مغاير للطابع العربي الفلسطيني، ناهيك عن تدمير الاقتصاد الفلسطيني.
ويلفت إلى أن الاحتلال يُشجع آلاف المستوطنين ويقدم لهم الإغراءات من أجل الانتقال من الداخل الفلسطيني المحتل للعيش في مناطق الضفة وشرق القدس.
وتسعى "إسرائيل" حثيثًا وبكافة الوسائل، إلى تنفيذ مئات المشاريع الاستيطانية والتهويدية في مدينة القدس، منتهكة بذلك القانون الدولي وكافة قرارات الشرعية الدولية.
وما يثير الاستغراب والاستنكار-بحسب أبو دياب- أن المشروع بدأ العمل فيه مع بداية انتشار جائحة "كورونا"، مبينًا أن سلطات الاحتلال استغلت انشغال الفلسطينيين والعالم بتلك الظروف التي فرضتها الجائحة، وبدأت العمل في تنفيذ المشروع الذي وصفه بالخطير.
وللمشروع الاستيطاني تداعيات خطيرة على الفلسطينيين، كما يؤكد المختص في شؤون القدس، إذ سيقضي على أي حلم فلسطيني في إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وسيقطع التواصل ما بين التجمعات الفلسطينية، كما سيعزز الاستيطان ومواصلة بناء المستوطنات شرقي القدس وفي الضفة الغربية