لا يكاد يمر يوم على بلدة بدو شمال غربي القدس المحتلة، إلا وتتعرض لهجمة إسرائيلية شرسة واعتداءات غير مسبوقة بحق سكانها، في محاولة للتضييق على حياتهم، وزيادة معاناتهم، وكسر معنوياتهم وقدرتهم على مقاومة الاحتلال وتحدي إجراءاته العنصرية.
هذه الاعتداءات الاحتلالية تصاعدت وتيرتها، عقب استشهاد ثلاثة من كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في اشتباك مسلح مع قوة خاصة إسرائيلية في جبال القدس الأحد الماضي، وهم أحمد زهران، زكريا بدوان، ومحمود حميدان.
وتبعد قرية بدو عن مدينة القدس مسافة تقدر بحوالي 11 كيلومترًا، وترتفع 830 مترًا عن سطح البحر، وتبلغ المساحة الكليّة لها حوالي 5392 دونمًا، وهي محاطة بالعديد من الأراضي التابعة لكلّ من بيت أجزا، والحبيب، والنبي صموئيل، وبيت إكسا، وبيت سوريك، والقبيبة.
وسلبت سلطات الاحتلال حوالي 627 دونمًا من أراضيها لإقامة مستوطنة "هار أدار"، و186 دونمًا لإقامة مستوطنة "جفعون حداشا".
وتعاني بلدات شمال غربي القدس ظروفًا معيشية صعبة وإجراءات ممنهجة تفرضها سلطات الاحتلال، من خلال حاجز "النفق" الذي يعيق حركة تنقل المواطنين ودخول البضائع واحتياجات السكان، بالإضافة لعمليات النهب ومصادرة الأراضي لصالح إقامة المستوطنات.
عقاب جماعي
ويقول رئيس بلدية بدو سالم أبو عيد لوكالة "صفا"، إن البلدة تتعرض لعقاب جماعي انتقامي، ولاعتداءات إسرائيلية مبرمجة زادت حدتها في الآونة الأخيرة، وخاصة بعد استشهاد ثلاثة من شبانها برصاص جيش الاحتلال.
ويضيف أن قوات الاحتلال تُهاجم يوميًا البلدة، وتُداهم منازل المواطنين، وتجري عمليات تفتيش وتنكيل بسكانها وبشكل استفزازي، ما يبث الرعب والخوف في قلوب الأطفال والنساء، ناهيك عن تنفيذ حملات اعتقال طالت عشرات الشبان في البلدة.
ولما يزيد عن 25 يومًا، وعمليات جيش الاحتلال لا تتوقف بحق البلدة وسكانها، بالإضافة إلى عنف المستوطنين واعتداءاتهم التي تطال "الحجر والشجر"، ومحاولاتهم للاستيلاء على أراضي المواطنين، ومنعهم من الوصول إليها، مما يفاقم من معاناتهم.
ويشير إلى أن سلطات الاحتلال تنصب يوميًا حواجز طيارة في البلدة وعلى مداخلها، وتفرض قيودًا على حركة تنقل السكان، ما يعيق وصول الطلبة إلى جامعاتهم ومدارسهم، ووصول المرضى إلى المراكز الصحية والمشافي.
وتشهد البلدة- وفقًا لأبو عيد- مواجهات ليلية مع قوات الاحتلال، يتخللها إطلاق كثيف لقنابل الغاز والصوت والأعيرة المطاطية، ما أدى لإصابة العشرات بجروح والاختناق.
وتُقابل هذه الاعتداءات والمواجهات، بإشعال الشبان الفلسطينيين للإطارات وإلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة تجاه قوات الاحتلال، ناهيك عن إطلاق النار صوب مستوطنة "هار أدار" المقامة على أراضي بلدات بدو وقطنة وبيت سوريك شمال غرب القدس.
وما يزيد التوتر والغضب في بلدة بدو، مواصلة سلطات الاحتلال احتجاز جثامين الشهداء الثلاثة، وعدم تسليمهم إلى ذويهم لدفنهم.
وقبل يومين، نُظمت مسيرة جماهيرية في بلدة بدو، دعمًا لأهالي الشهداء الثلاثة، ولرفع روحهم المعنوية، وللمطالبة بالإفراج عن جثامين الشهداء المحتجزة.
وضع سيء
ويوضح أبو عيد أن هذه الاعتداءات تأتي ضمن سياسة ممنهجة تتبعها حكومة الاحتلال من أجل الضغط على السكان لتهجيرهم قسريًا، وضم قرى شمال غربي القدس لمنطقة الأغوار.
ويطالب رئيس بلدية بدو، المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية والأممية بالتدخل العاجل لوقف إجراءات الاحتلال وممارساته بحق بلدة بدو وسكانها، والعمل على تعزيز صمود المواطنين.
ويبين أن البلدة تعاني وضعًا اقتصاديًا صعبًا وكسادًا تجاريًا، بسبب إجراءات الاحتلال، وخاصة منع المواطنين من الوصول لأراضيهم، كونهم يعتمدون على الزراعة في تسيير أمور حياتهم، لافتًا إلى أن تلك الإجراءات أدت إلى تقليل الإنتاج الزراعي.
ويجد سكان بدو وقرى شمال غربي القدس الأخرى صعوبة في إدخال البضائع والغاز إلى مناطقهم، بسبب قيود الاحتلال، بالإضافة إلى معاناتهم من شح المياه.
ويقول أبو عيد: "تواصلنا مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والصليب الأحمر، وأطلعناهم على صورة ما يجري بالبلدة من اعتداءات إسرائيلية، وطالبنا بالضغط العاجل على الاحتلال لوقفها، ولتسليم جثامين الشهداء الثلاثة لمواراتهم الثرى، لإنهاء حالة التوتر والقلق بالمنطقة".