تَعضُّ الأسيرة المقدسية الجريحة إسراء رياض جميل الجعابيص (36 عاما) على جراحها التي تفاقمها ظروف الأسر في سجون الاحتلال، لتبقى رفيقة لمعاناتها وآلامها وحروقها، ولسان حالها يستصرخ الضمائر الحية لإنقاذ حياتها وعلاجها.
تشكو إسراء من آلام شديدة بجسدها تلازمها منذ اعتقالها وتزداد يوما بعد يوم، دون أدنى رأفة أو اهتمام من السجان لعلاجها أو إجراء العمليات الجراحية التي تحتاجها، بحسب شقيقتها منى التي تحدثت لمراسلة "ًصفا".
حروق تنهش الجسد، و8 أصابع من يدها بترت، بينما تتنفس من فمها، وتضررت عيناها وأذناها، ما جعلها بحاجة لعلاج كفلته لها كافة القوانين والمواثيق الدولية.
وتعد جعابيص ضمن الأسيرات المقدسيات اللاتي يعانين من جروح أصبن بها أثناء اعتقالهن، ولكن إصابتها الأشد صعوبة وخطرا على حياتها.
وتشهد مواقع التواصل الاجتماعي تفاعلا كبيرا منذ نحو أسبوع مع حملة نصرة الأسيرة إسراء جعابيص وهاشتاغ #انقذوا_ اسراء _جعابيص.
65% نسبة الحروق
وعن الوضع الصحي للأسيرة الجريحة تقول شقيقتها منى: "أدى اعتداء قوات الاحتلال على شقيقتي إسراء خلال اعتقالها في 11 أكتوبر من عام 2015 إلى إصابتها بحروق من الدرجة الأولى والثانية والثالثة والرابعة، إذ بلغت نسبتها 65%".
وتبين أن اسراء تتنفس منذ 6 سنوات عن طريق الفم وليس الأنف، وتعاني من انزلاق في الحنك ومشاكل في أذنيها وهما ذائبتان، وتحتاج لسلسلة عمليات جراحية حيوية وتجميلية وزراعة أطراف وغيرها.
وتضيف "تعاني إسراء كثيرا من جفاف الجلد وتقيحات إثر الحروق، ولجأت لاستخدام زيت القلي بعد رفض مسعف السجن أن يعطيها مراهم لترطيب مكان الحروق".
مشاكل صحية
وتلفت منى إلى أن الطعام يسقط من فم إسراء عند تناوله لأن الشفة السفلى من فمها ذائبة، كذلك الماء، وتعاني من مشاكل في الأسنان لأنهم سقطوا نتيجة الحروق.
وتوضح أن إسراء تعاني من الحرارة المرتفعة في جسدها نتيجة الحادث، وتضطر إلى استخدام المروحة بدلا من التدفئة في فصل الشتاء، وتعاني من طنين في الأذن ومشاكل بالرؤيا، ولا تستطيع السير لمسافات طويلة، علما أن المسافة من باب غرفتها حتى الوصول لمكان الحمام تبلغ نحو15 مترا.
وتشير إلى أنه لا يوجد خصوصية نهائيا لأي أسيرة في السجن، ووضع اسراء يتطلب خصوصية كبيرة.
ظروف المعتقل
وتنوه منى إلى أن بيئة المعتقل غير صالحة للحياة البشرية، وفق شهادات نساء محررات وإسراء، والمياه ضعيفة جدا.
كما تعاني الأسيرات من انتشار الجرذان والفئران والحشرات في سجن الدامون، ما أدى إلى تضرر ملابسهن، بالإضافة إلى عدم وجود تهوية كافية بغرفة السجن التي يقبع فيها 10 أسيرات، سوى نافذة صغيرة، والطعام قليل وسيء.
وتؤكد منى أن إسراء لم تتلق العلاج اللازم في سجون الاحتلال وما زالت، ولا يوجد في عيادة سجن الدامون طبيب إنما مسعف، وظيفته تقديم الاسعافات الأولية للأسيرات، وليس علاجهن.
وتبين أن شقيقتها إسراء تعاني دوما بسبب وضعها الصحي، وتماطل إدارة السجن في السماح لها بالذهاب للعلاج في العيادة.
وتشير إلى أن المسعف يتعامل معها بطريقة مقززة وغير إنسانية، ويوجه لها عبارات استفزازية حتى تصل لمرحلة ترفض فيها الذهاب للعيادة مرة أخرى.
المهرج سوسو
أما بالنسبة لشخصية الأسيرة الجريحة إسراء قالت منى: "إسراء بطبيعتها شخصية مرحة وطيبة تحب أن تساعد الناس، وكانت تصنع الأشغال اليدوية قبل اعتقالها، ومتطوعة بشخصية المهرج "سوسو" في فعاليات تنظم بالمدارس والمستشفيات ومؤسسات ذوي الاحتياجات الخاصة لرسم البسمة على شفاه الأطفال وكبار السن".
وتضيف "أثبتت إسراء كعادتها أنها تحب الحياة رغم الألم والأوجاع التي تعانيها داخل السجن، وأثبتت لذاتها وعائلتها والناس أنها قوية، وليس السجان الذي كسرها وإنما هي كسرته".
وتوضح أن إسراء دربت الأسيرات داخل الأسر على التطريز والرسم وشبك الخرز، وأوجدت روح العمل الجماعي بينهن.
وتلفت منى إلى أن إسراء كانت ترسل في بداية اعتقالها رسائل للعائلة مذيلة برأس مهرج باللونين الأسود والأبيض، ومع الأيام أصبح رأس المهرج ملون ويبتسم.
وتقول: "رمزية رسم المهرج مبتسم وملون يعني أن إسراء تحب الحياة، وتريد العيش رغم الأوجاع والألم، ولكنها بحاجة لأبسط حقوقها وهي العلاج".
وتضيف أن إسراء أنشأت معرضًا إلكترونيا لمشغولاتها اليدوية ورسوماتها التي خطتها بأصبعيها أو فمها بتاريخ 22 تموز من العام الجاري".
يذكر أن الأسيرة إسراء من سكان جبل المكبر بالقدس المحتلة، أم للطفل معتصم (13 عاما)، حكم عليها بالسجن لمدة 11 عاما، واعتقلت في تاريخ 11 أكتوبر 2015 بتهمة محاولة قتل شرطي، بعد اشتعال حريق في سيارتها بسبب ماس كهربائي، قرب حاجز الزعيم شرق القدس المحتلة، وإطلاق قوات الاحتلال النار على سيارتها بينما كانت عائدة من مدينة أريحا إلى مدينة القدس.