حذر منسق الائتلاف الأهلي لحقوق الفلسطينيين في القدس المحتلة زكريا عودة من خطورة خطة الاحتلال الإسرائيلي لتسوية "الحقوق العقارية" في المدينة، والتي تهدف لتعزيز "السيادة الإسرائيلية" عليها، وفتح الطريق أمام تفعيل قانون "حارس أملاك الغائبين".
وقال عودة في حديث خاص مع وكالة "صفا" يوم الأحد، إن الاحتلال بدأ التحضير لتنفيذ هذه الخطة، عبر وضع كادر بشري واختيار بعض المناطق والأحياء المقدسية، مثل شعفاط، بيت حنينا، جبل المكبر، العيسوية، الشيخ جراح، صور باهر وجبل الزيتون لأجل تنفيذ مخططه في تسوية الأملاك، ووضع اليد عليها.
وشرعت سلطات الاحتلال بتوجيه رسائل إلى مواطنين في القدس، لإعلامهم أنها "ستبدأ في الفترة القريبة المقبلة بتسوية الأراضي في المدينة".
ومنذ احتلال القدس عام 1967، لم يتم تسجيل الأراضي والعقارات في العديد من أحياء المدينة، ما أعاق عملية التنظيم، وبالتالي إمكانية المقدسيين حصول على تراخيص للبناء.
وفي 19 آذار/ مارس 2018، أعلنت وزيرة العدل الإسرائيلية أيليت شاكيد عن إشعار بشأن فتح ملف تسوية حقوق عقارية أو إعلان تسوية أراض في القدس، شملت أحواضًا في صور باهر، بيت حنينا، شعفاط، الشيخ جراح وحزما.
وقال الائتلاف الأهلي: إن" اختيار تلك المناطق للبدء فيها ليس بمحض الصدفة، بل بناءً على رؤيا إسرائيلية ووجود ثغرات فيها تساعد الاحتلال على مصادرة كمية كبيرة من الأراضي، وخاصة من خلال تطبيق قانون أملاك الغائبين أو وجود مستوطنات بالمنطقة أو عدم وجود أي تسوية خلال الإدارة الأردنية".
قضية سياسية
واعتبر عودة الخطة الإسرائيلية ليست قضية فنية أو خدماتية، بل هي قضية سياسية وسيادية تهدف إلى تعزيز "السيادة الإسرائيلية" على المدينة المقدسة، وأيضًا جزءًا لا يتجزأ من سياسات الاحتلال التي تمارس ضد المقدسيين، بهدف تهويد المدينة وتفريغها من سكانها الأصليين.
وأشار إلى أن حكومة الاحتلال تسيطر على 87% من أراضي شرقي المدينة، ويتم استخدامها لتعزيز الاستيطان وبناء المستوطنات، وبالتالي فإنه سيتم ترسيم وتسجيل كل ما تم تنفيذه من عمليات استيطانية على هذه الأراضي منذ العام 1967 حتى يومنا هذا.
وأضاف أن الأخطر من ذلك، أن تسوية الأملاك يهدف إلى تفعيل قانون "حارس أملاك الغائبين"، فإن نحو 65% من الأملاك المقدسية أصحابها غير مقيمين بالقدس، ولا يحملون "الهوية الإسرائيلية"، لذلك يعتبروا غائبين.
وأكد أن "دائرة تسوية الأراضي في إسرائيل" ستعمل للسيطرة على هذه الأملاك، وستتم شرعنة الأملاك التي تم تزييف ملكيتها بصفقات تمت خلال 54 عامًا من الاحتلال، كما سيجبر المقدسي على دفع مبالغ باهظة كضرائب على هذه الأملاك خلال عملية التسجيل.
وتابع عودة أنه "في حال لم يتم تقديم ادعاءات لمكتب مأمور التسوية الإسرائيلي بحق أي منطقة أو حوض أو قطعة لم يتم تسجيلها باسم أصحابها، فإن ملكيتها ستتحول مباشرة إلى الاحتلال، وهذا من أخطر ما يجري بالمدينة".
ولفت إلى أن هناك غياب تام للمعلومات حول الملكيات المقدسية، وعدم توفر الأوراق والإثباتات التي تساعد الناس على تسوية أملاكهم، مشيرًا إلى أن ما تم تسجيله أيام الحكم الأردني لا يزيد عن 7% من أراضي شرقي القدس.
وأكد أن هذه الخطة تعتبر من أخطر المشاريع والسياسات الاحتلالية التي يجب الانتباه إليها، وعدم التعاطي والتعامل معها، ويجب توعية المواطنين وأخذ الاستشارة القانونية والفنية قبيل التعامل مع "دائرة التسوية"، والإقدام على التسجيل.
مرجعية وطنية
وحول دور الائتلاف الأهلي لوقف تنفيذ المخطط، قال عودة: "أجرينا العديد من الاتصالات واللقاءات مع الجهات الرسمية، والمؤسسات الدولية والمجتمع الدولي، وهيئة الأمم المتحدة، وأطلعناهم على المعلومات المتعلقة بالمخطط، وطالبنا بالضغط على الاحتلال لوقف هذا المشروع".
وانتقد الجهد المحلي وعدم تعامل الجهات الرسمية بشكل جدي مع الموضوع، والذي لا يرق إلى مستوى التحديات والمخاطر التي تواجه المقدسيين.
ودعا إلى وضع برنامج واضح لتوعية المواطنين ومساعدتهم، وكذلك تشكيل مرجعية وطنية فنية وقانونية وسياسية لمتابعة موضوع تسوية الحقوق والملكية وتقديم الاستشارة للمقدسيين في سبيل مواجهة هذا المخطط الذي تعمل على تنفيذه مؤسسات الاحتلال.
وحذر الائتلاف الأهلي من أن خطة "تسوية الحقوق العقارية" في القدس تهدف إلى إنكار العديد من الحقوق الفلسطينية في العقارات ووضع يد الاحتلال عليها ومصادرتها، بحجج عدم وجود إثباتات ملكية كافية، أو إعادة تفعيل قانون "حارس أملاك الغائبين".
وشدد على أهمية "تسهيل حل الخلافات بين سكان الأحياء حول الأملاك المتنازع عليها وإيجاد آليه لمواجهة قانون الغائبين".