قال محللون إن مخزون الغضب ونفاد صبر المواطنين في غزة من الحصار الإسرائيلي وسياسات الاحتلال في القدس، كان المحرك الرئيس لفعاليات مهرجان "سيف القدس لن يُغمد"، الذي نُظم أمس في مخيم ملكة شرقي مدينة غزة.
وهاجمت قوات الاحتلال أمس المواطنين المحتجين قرب السياج الأمني بالرصاص الحي وقنابل الغاز، ما أسفر عن إصابة 41 مواطنًا بجراح مختلفة بينهم 22طفلًا- أحدهم جراحه حرجة- ومصور صحافي.
وأدى قمع الاحتلال للمتظاهرين السلميين إلى اندفاع عشرات الشبان نحو الجدار الإسمنتي الفاصل بين غزة والأراضي المحتلة، والاشتباك مع جنود الاحتلال من "مسافة صفر".
وشارك الآلاف بمهرجان جماهيري حاشد نظمته فصائل العمل الوطني والإسلامي، أمس، بالذكرى الـ52 لإحراق المسجد الأقصى.
"طفح الكيل"
وقال الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف لوكالة "صفا" إن: ""مخزون الغضب ونفاد صبر المواطنين من سياسات الخنق التي تنتهجها سلطات الاحتلال كان المحرك الرئيس للاحتجاجات، وإرسال رسالة بأن الكيل طفح".
وأضاف "يبدو أن صبر الجماهير نفد قبل صبر الفصائل، وتوجهت للاحتجاج أمام السلك الزائل والاشتباك مع جنود الاحتلال رغم تحصنهم بجدار وهمي".
وأشار الصواف إلى أن "رسائل الجماهير الغاضبة كانت واضحة أن ما لديهم من طاقة وصبر نفد، ولم يعد هناك خيار مجدٍ سوى المواجهة، وأن ما لديهم من طاقة تحمل نفدت".
وذكر أن "الاحتلال رد كعادته بالتغول في دماء الأطفال والشبان، وإصابة عدد كبير".
ولفت إلى أنه "إذا لم تعِ سلطات الاحتلال أن ما تقوم به أداة لتفجير الأوضاع، فإن الأمور ذاهبة لمزيد من التصعيد".
وأوضح أن "قصف الاحتلال لمواقع المقاومة ورد الأخيرة بالتصدي لطائرات الاحتلال والمواقع القريبة من قطاع غزة يشير إلى عودة موازنة معادلة الردع بين الطرفين على قاعدة وإن زدتم زدنا".
وقال الصواف إن: "لدى المقاومة عدة خيارات في حال لم تصلح المقاومة الشعبية، خاصة في حال استمر الاحتلال بالمماطلة والتسويف والحصار، وفي ظل قدوم ما يسمى الأعياد اليهودية الشهر القادم".
رسالة الغضب
أما الكاتب والمحلل طلال عوكل فقال خلال حديثه لوكالة "صفا" إن المواطنين الغاضبين قالوا كلمتهم بأنهم ملتفون حول المقاومة ومستعدون للتضحية في سبيلها بأشكال مختلفة.
واعتبر عوكل أن "ما حصل أمس كان رسالة للتعبير عن الغضب بالإنابة عن الكل الفلسطيني بأن قطاع غزة لم يعد يحتمل السياسة الإسرائيلية والاعتداءات والحصار والتضييق".
وأضاف "كانت رسائل أيضًا للمجتمع الدولي والوسطاء بأن المواطنين في غزة لم يعد بمقدورهم الصبر على هذه السياسات الخانقة، وأن الموضوع لم يعد فصائليًا فقط بل أصبحت الجماهير هي من تأخذ المبادرة بالاشتباك".
وتابع "قالها أحدهم.. إن الجوع عدو وكافر".
ورأى أن "المواطنين فقدوا المقدرة على توفير الحد الأدنى من المعيشة، وبالتالي جاهزون لعمل أي شيء بما في ذلك التضحية".
وقال إن حجم الإصابات وأشكالها ونوعية الرصاص المستخدم ضد الأطفال والفتيان الغاضبين يكشف مدى عدوانية الاحتلال لمجرد وجود هؤلاء الشبان والفتيان عند السياج الفاصل.
وحول التحريض في وسائل الإعلام الإسرائيلية على غزة، أوضح عوكل أن "ما يحصل يأتي نتيجة مواكبة الإعلاميين والكتاب للساسة الإسرائيليين بمختلف عناوينها الأمنية والسياسية".
وبيّن أن الإعلام الإسرائيلي يُروج أن الجماهير خرجت لأمور إنسانية واقتصادية فقط، "وهذا الكلام غير دقيق ومُجتزأ، لأن الغضب والعنفوان الذي رآه الجميع يتعدى ذلك لأمور وطنية".
وأضاف "الناس ذهبوا تحت عنوان القدس أولًا، واستفراد الاحتلال بكل قطعة على حدة مرفوض".
ولفت إلى أن الأحداث المتكررة في غزة "تثبت أن الترويج بأن مشكلة غزة إنسانية واقتصادية تحتاج لمزيد من التنفيس، غير دقيق وذر للرماد بالعيون".
وتابع "الموضوع في غزة وطني مرتبط بالإنساني والاقتصادي والحقوقي وهذا جزء من حياة الفلسطيني".