شرعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بشق شارع استيطاني التفافي رقم "45" على أراضٍ فلسطينية خاصة شمالي القدس المحتلة؛ لخدمة المستوطنين وتسهيل حركة تنقلهم على حساب احتياجات المواطنين الفلسطينيّين.
ويستهدف الشارع الاستيطاني، عدة قرى فلسطينية هي: "جبع، قلنديا، كفر عقب، الرام، مخماس، وبرقة"، ما سيقضم مساحات شاسعة من أراضي الفلسطينيين، وبحرمهم من الاستفادة منها، بالإضافة إلى التضييق على حركة تنقلهم، وتشويش سير حياتهم، بما يفاقم من معاناتهم اليومية.
ويعتبر هذا المخطط ضمن المشاريع العنصرية الضخمة التي تنفذها "إسرائيل" لفصل مدينة القدس عن الضفة الغربية المحتلة، ولتقطيع أوصال الضفة، وتحويلها إلى كنتونات ومعازل صغيرة، محاطة بالمستوطنات والشوارع الالتفافية.
ويتمثل الهدف الأساسي للمخطّط الإسرائيلي في وصل المستوطنات الواقعة في عمق الضفّة الغربية بـ"إسرائيل" من شارع (60) إلى شارع (443)، من خلال شقّ نفق تحت حاجز قلنديا.
واحتجاجًا على المخطط الاستيطاني، قدم أصحاب الأراضي الخاصة ورؤساء المجالس المحلية الفلسطينيّة عبر المحامي علاء محاجنة اعتراضات مفصلة ضد مخطط الشارع الالتفافي رقم (45) الذي لا يخدم إلا الاستيطان والمستوطنين على أراضيهم.
وقدّم المحامي محاجنة الاعتراض بمشاركة جمعية "بمكوم"– مخطّطون من أجل حقوق التخطيط.
وأكد أصحاب الأراضي أنه تم التخطيط لشقّ الشّارع على أراضٍ خاصة فلسطينية، وأن استخدام هذا الشارع مخصص لكي يُقتصر فقط على تنقّلات المستوطنين من الضفّة الغربية باتّجاه الداخل المحتل، متجاهلًا احتياجات الفلسطينيّين.
وأضافوا أن هذا المخطّط لا يأخذ بعين الحسبان احتياجات المواصلات للفلسطينيّين في المنطقة، ولا يوفّر حلولًا للتشويشات الخطيرة الطارئة على تنقلات الفلسطينيّين، وهي اضطراباتٌ ناجمةٌ عن إقامة جدار الفصل العنصري، وإنشاء قواعدٍ للجيش، واستخدام محاور طرقٍ أمنية، وإقامة المستوطنات.
تقسيم الضفة
مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية خليل التفكجي يقول لوكالة "صفا"، إن مخطط الشارع رقم "45" طُرح عام 1983 ضمن الأمر العسكري رقم "50" للطرق، بهدف تقسيم الضفة الغربية بشكل طولي من الشمال إلى الجنوب، وعرضي من الشرق إلى الغرب.
ويوضح أن جزءًا من الشارع الاستيطاني الذي يبلغ عرضه 100 متر في الاتجاهين، سيعمل على تقسيم منطقة وسط الساحل الفلسطيني باتجاه شمال القدس، وصولًا إلى منطقة الأغوار.
ويشير إلى أنه في العام 1990 تم الاعتراض على المشروع، لكن مع مجيء السلطة الفلسطينية، بدأت سلطات الاحتلال بتنفيذه، بهدف ربط المستوطنات الواقعة خارج حدود بلدية الاحتلال في القدس إلى داخل حدودها، لأجل إقامة ما يسمى مشروع "القدس الكبرى".
ويشكل إقامة الشارع الاستيطاني، تكريسًا للفصل العنصري، ولخطة الاحتلال في عزل الأراضي الفلسطينية واستخدامها لاحقًا للبناء والتوسع الاستيطاني وإنشاء أحياء استيطانية جديدة على حساب تلك الأراضي.
ويضيف التفكجي أن سلطات الاحتلال تعمل على إقامة بنية تحتية عن طريق بناء الأنفاق، لربط المستوطنات وإقامة مستوطنة جديدة في منطقة مطار قلنديا شمال القدس، بما يزيد عدد المستوطنين، ويسهل حركة تنقلهم.
أما المحامي محاجنة، فيقول إن المخطط الإسرائيلي عبارة عن نفق وشارع كبير يبتلع مئات الدونمات من أراضي المواطنين في تلك البلدات والقرى، ويشكل مساسًا بالحقوق الفلسطينية في حرية الحركة والتنقل.
ويوضح أن الهدف من وراء المخطط تسهيل حركة المستوطنين من دوار جبع وقرب قرية حزما، وتسهيل حركتهم بأنفاق وشوارع عنصرية، على حساب حرية حركة الفلسطينيين.
معاناة متفاقمة
وجاء في الاعتراض، أن المبادرين إلى المخطّط يُخفون السبب الحقيقيّ لشقّ الطريق، وعلى الرّغم من أنّ ما ورد في محضر مناقشات التخطيط يشير إلى أن الشّارع مخصّص أيضًا للفلسطينيّين الرّاغبين في الوصول من شارع رقم "60" إلى مدينة رام الله، إلا أن المخطّط لا يًقدم عمليًا، "حلًا مواصلاتيًا" من هذا النوع، ولا يتّصل بالقرى والتجمعات الفلسطينيّة المجاورة.
وبحسب المخطط "ألون ليفشيتس" من جمعية "بمكوم"، فإن" إقامة المستوطنات والمنظومات المحيطة بها شوش وما زال حياة الفلسطينيّين بصورة تمسّ جميع مناحي حياتهم".
ويضيف أن "السّعي إلى تعميق المشروع الاستيطانيّ من خلال شقّ شوارعٍ مريحةٍ للمستوطنين، في نفس الوقت الذي يتمّ فيه تجاهل ودوس الحقوق الفلسطينيّة، أمر مثير للحنق، ويجب وقف التّرويج للمخطّط والشّروع بتخطيط الحيّز بناءً على وجهة نظرٍ فلسطينيّة".
ويؤكد المعترضون على المخطط، أنه يهدف إلى مصادرة مساحاتٍ كبيرةٍ من أراضي الفلسطينيّين، والتأثير على تنقلاتهم في المنطقة.
وبحسب الاعتراض، فإن تخطيط الشّارع الاستيطاني تم دون مشاورة أو إعلام الفلسطينيّين، في تعارض مع الأمر العسكري الذي يقضي بإشراك الجمهور الفلسطينيّ بالمعلومات، في أي مخطّط يخصهم ويصادر أراضيهم وبشكل محدد أراضيهم الخاصة.
ويوضح المعترضون، وجمعية "بمكوم" أنّ هناك خشيةٌ من أن تكون سلطات الاحتلال عاقدةً عزمها على الدّفع قدمًا بالمخطّط دون النظر للأضرار والخسائر الفلسطينية، وأن عملية الإيداع لتلقي الاعتراضات كانت مجرد عمليةٍ صُوَرية.
ويشيرون إلى أنه قبل المصادقة على المخطّط، تم مباشرة، طرح عطاءاتٍ متعلقةٍ بتنفيذ أعمال شقّ الشّارع الاستيطاني، كما تمّت المصادقة فعليًا على مقطع الشّارع الذي يمرّ عبر نفقٍ في منطقة "C" الواقع ضمن النطاق البلدي للقدس، وتم الشروع في العمل بهذا المقطع دون النظر في الاعتراضات الفلسطينية.