قال رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد "همة" ناصر الهدمي إن تصاعد وتيرة "الهدم الذاتي" في مدينة القدس المحتلة بالآونة الأخيرة، يُؤكد مُضي الاحتلال الإسرائيلي في مخططه الممنهج لتهجير المقدسيين إلى خارج "حدود بلدية القدس"، وتقليل نسبتهم في المدينة، وبالتالي تصفية وجودهم.
وأوضح الهدمي، في تصريح خاص لوكالة "صفا" يوم الاثنين، أن بلدية الاحتلال معنية بسياسة "الهدم الذاتي" أكثر من أن تنفذ جرافاتها عملية هدم المنازل في القدس، خشيةً من اقتحام الأحياء المقدسية واندلاع مواجهات ما بين الأهالي والقوات الإسرائيلية.
وأضاف أن بلدية الاحتلال تُجبر المقدسي إما على هدم منزله بيده، لتفادي دفع تكاليف الهدم الباهظة أو أن تهدمه جرافاتها، وبذلك يتحمل دفع مئات آلاف الشواكل للبلدية.
وبين أن المقدسيين يعانون أوضاعًا اقتصادية صعبة، ولا يستطيعون تحمل تلك المبالغ الباهظة، ما يدفع بعضهم لهدم منازلهم قسريًا.
وأشار إلى أن السنوات الثلاث الأخيرة شهدت ارتفاعًا كبيرًا في سياسة هدم المنازل بالقدس، ومتابعة بلدية الاحتلال للبيوت "غير المرخصة"، مبينًا أن ذلك جاء بعد اعتراف الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترمب بالقدس عاصمة لـ"إسرائيل".
وأكد الهدمي أن بلدية الاحتلال تتخذ من إجبار المقدسيين على هدم منازلهم بأيديهم طريقة لمنع تمددهم ديمغرافيًا، ولإجبارهم على الرحيل، مما يُفقدهم الهوية المقدسية، وبالتالي الإقامة داخل مدينة القدس والتجول في الأراضي المحتلة عام 1948.
وتابع أن الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة للكيان أعطى الاحتلال ذريعة لكي يُنفذ مخططاته كيفما يشاء بالمدينة بهدف تفريغها من سكانها الأصليين وإحلال اليهود مكانهم.
واعتبر أن البناء غير المرخص شكل أداة ناجعة للمقدسيين للحفاظ على بقائهم داخل مدينتهم، وعدم فقدان هويتهم المقدسية كما يريد الاحتلال.
وأفاد بأن هناك ما بين 25-30 ألف وحدة سكنية غير مرخصة شرقي القدس، بفعل إجراءات الاحتلال المشددة، وهذه الوحدات يقطنها نحو 150 ألف مقدسي.
وشدد الهدمي على أن الاحتلال لا يستطيع التخلص من هؤلاء المقدسيين إلا إذا استطاع هدم جميع الوحدات السكنية، "وهذا مستحيل".
وأوضح أن قدرة بلدية الاحتلال على الهدم لا تتجاوز ألف وحدة سنويًا، ما يشكل معضلة كبيرة أمامها، وفي بعض الأحيان لا تستطيع آلياتها الدخول لبعض الأحياء المقدسية بسبب ضيق مساحتها، لذلك تُجبر المقدسي على هدم منزله قسريًا.
وحذر الهدمي من خطورة سياسة "الهدم الذاتي" على المقدسيين، كونها تؤدي لقتل الروح المعنوية لديهم، بما تشكله من معاناة مضاعفة وضغط اقتصادي واجتماعي ونفسي.
وخلال الأيام الأخيرة، أجبرت بلدية الاحتلال عدة عائلات مقدسية على هدم منازلهم بأيديهم، بحجة البناء دون ترخيص، وكان آخرها مساء الأحد، حينما هدم العريس المقدسي محمد دويك منزله قسريًا في خلة العين ببلدة الطور.
كما هدم الشابان علي صري من قرية جبل المكبر، ومحمد مطر من بلدة سلوان، منزليهما، تفاديا لدفع غرامات مالية و"أجرة الهدم".
ويلجأ المقدسيون إلى تنفيذ أوامر وقرارات الهدم بأنفسهم (الهدم الذاتي)، بعد التهديد بفرض غرامات باهظة عليهم، إضافة إلى إجبارهم على دفع أجرة الهدم لطواقم وآليات البلدية وقوات الاحتلال المرافقة لها.
وتفرض بلدية الاحتلال شروطًا تعجيزية ومبالغ طائلة للحصول على إجراءات الترخيص، والتي تمتد لسنوات طويلة.
ورصد مركز معلومات وادي حلوة هدم 79 منشأة في القدس خلال النصف الأول من العام 2021، منها 42 منشأة هُدمت بأيدي أصحابها، شملت منازل ومحلات تجارية ومنشآت زراعية وحيوانية، بحجة البناء دون ترخيص.