دعت ورقة علمية أصدرها مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات بعنوان: "تركيا ومعركة سيف القدس: الموقف والتداعيات المستقبلية" والتي أعدها الباحث سعيد الحاج إلى استثمار معركة "سيف القدس".
وتبحث الورقة في موقف تركيا من المعركة، ومدى اختلافها عن مواقفها من الاعتداءات والحروب السابقة، وتقييم هذا الموقف، لا سيّما فلسطينياً، بعد تحليل أسبابه، والآفاق الممكنة لتطويره مستقبلاً.
ورأى الباحث الحاج أنه بات لزامًا على الفلسطينيين، ولا سيّما قوى المقاومة استثمار نتائج معركة "سيف القدس" لزيادة أوراق قوتها وإضعاف الاحتلال، خاصة وأن تداعياتها تبشّر بمرحلة جديدة ومختلفة في القضية الفلسطينية على عدة صعد، بينها مواقف الأطراف الإقليمية والدولية والعلاقات معها.
وأشار إلى أنه من الأمور التي ينبغي العمل عليها إيصال رسالة للاحتلال بأن سياساته العدوانية والجرائم التي يرتكبها لا ولن تمر دون أن يدفع ثمنًا، سياسياً كان أم اقتصادياً أم على صعيد العلاقات مع مختلف الأطراف أم غيرها.
وقال الحاج إنه يمكن بعد متغيرات "سيف القدس" الميدانية والسياسية، وبكثير من التخطيط والعمل والتواصل، رفع سقف عدد من الأطراف تجاه القضية بينها تركيا، خصوصًا وأن المطروح على المدى القريب على الأقلّ، يقع في إطار الممكن.
وذكر أن ذلك بعد أن فتحت معركة "سيف القدس" مرحلة جديدة مختلفة نسبيًا في الصراع مع الكيان الإسرائيلي، وخصوصاً على صعيد علاقات الفلسطينيين وفي مقدمتهم قوى المقاومة مع مختلف الأطراف الدولية والإقليمية، ومن بينها تركيا.
ونبه إلى أنه ينبع الاهتمام بموقفها لكونها قوة إقليمية صاعدة وعضو في حلف الناتو ولها علاقاتها الغربية، وكذلك دولة مسلمة وصديقة للفلسطينيين، إذ أن لأنقرة علاقات أكثر من جيدة مع طرفي المشهد الفلسطيني الداخلي (حماس وفتح أو السلطة)، ومستوى من العلاقات كذلك مع "إسرائيل" عدو الفلسطينيين والمعتدي عليهم.
ونوه إلى أن تركيا صدرت موقفًا مرتفع السقف من العدوان الإسرائيلي على القدس ثم على قطاع غزة في معركة "سيف القدس"، وهو موقف بدا موحَّداً سياسياً وشعبياً، ومن مختلف الشرائح والتوجهات.
وألمح إلى أن تصريحات بعض قيادات حماس كانت أشارت إلى أن موقف تركيا من العدوان الأخير مقدّر ومشكور، لكن كان هناك توقع وانتظار لما هو أكثر، بما يرتقي لمرحلة ما بعد "سيف القدس" ولمكانة تركيا وإمكاناتها وما هو متوقع منها.
ودعا الحاج إلى أن ينصبَّ البحث على ما هو فعلاً المطلوب من تركيا مستقبلاً، وكيف يمكن تحقيقه، مشيرا إلى أنه يمكن لتركيا تبنّي مسارات ترفع سقف موقفها وتعطيه زخماً إضافياً عملياً.
وحدد بعض المسارات على سبيل المثال لا الحصر، كالتراجع عن تطوير العلاقات مع الاحتلال، وتخفيض مستوى التمثيل الديبلوماسي بينهما، بالإضافة لإمكان قيادة محور من دول صديقة للفلسطينيين لتشكيل لوبي ضاغط على الدول الداعمة للاحتلال، وكذلك لرفع سقف المنظمات الدولية بخصوص القضية الفلسطينية على المدى البعيد.
واقترح تطوير المساعدات لتركّز على تقوية صمود الشعب الفلسطيني وتطوير البنية التحتية بغزة، ورفد الأخير بمعدات الدفاع المدني والإنقاذ التي يحتاجها خلال العدوان وجولات التصعيد، فضلاً عن إمكان تطوير العلاقات بمختلف أنواعها ولا سيّما السياسية مع المقاومة، بما يناسب المكاسب التي حصلت عليها بعد المعركة ويوفر لها شبكة أمان سياسية.
كما طرح الباحث مسالة المقاطعة الاقتصادية والتجارية للكيان الإسرائيلي، على الأقل في البعد الرسمي إن لم يمكن على صعيد القطاع الخاص، بالإضافة للمقاطعة الأكاديمية والثقافية والسياحية وغيرها.