لم يرق للاحتلال الإسرائيلي وجود خيام الاعتصام والتضامن في مدينة القدس المحتلة، فاعتدي على السكان والمتضامنين بالضرب والدفع، ومنعهم من التواجد بداخلها، وأصدر قرارات بإزالتها وهدمها، كونها تشكل رمزًا للصمود والمقاومة الشعبية في مواجهة مخططاته الهادفة لاقتلاع وتهجير المقدسيين.
وفي الآونة الأخيرة، صعدت قوات الاحتلال من استهدافها لخيم التضامن المتواجدة في حي الشيخ جراح وبلدة سلوان، وقمعها لأي وقفات تضامنية مع الأهالي المهددين بالتهجير والطرد من منازلهم قسريًا.
وأخطرت بلدية الاحتلال بهدم خيمتي التضامن في حي الشيخ جراح المهدد بالإخلاء لصالح المستوطنين، إلا أن التضامن والاحتشاد الشعبي الواسع حال دون ذلك، وأدى لتراجع البلدية عن قرارها العنصري.
وتواصل قوات الاحتلال اعتداءاتها على الوقفات وخيام التضامن على مدخل الحي، رفضًا لحصاره المستمر منذ أكثر من شهرين ونصف، وسياسة الاحتلال التي تهدف لتهجير سكانه، حيث تواجه 28 عائلة مقدسية خطر الإخلاء من منازلها التي تُقيم فيها منذ العام 1956، لصالح جمعيات استيطانية.
ولم تقتصر الاعتداءات على خيام الاعتصام في الشيخ جراح، بل تمتد لتصل بلدة سلوان، والتي تشهد الأخرى هجمة إسرائيلية شرسة، يتخللها مواجهات واقتحامات وعمليات قمع وتنكيل بسكانها، وتحديدًا في حيي البستان وبطن الهوى، اللذان يتهددهما كابوس الهدم والتهجير القسري في أي وقت.
وكانت قوات الاحتلال اقتحمت خيمة اعتصام حي بطن الهوى، واعتدت على المتواجدين بالضرب والدفع، وحطمت محتويات الخيمة وهدمتها.
وفي حي البستان، يواصل السكان تواجدهم في الخيمة الرافضة لمشاريع الاحتلال التهويدية في القدس، ومخطط تهجيرهم، رغم الاعتداءات الممنهجة المتواصلة بحقهم وتضييق الخناق عليهم.
ويمتد حي البستان على 70 دونمًا ويسكنه 1550 نسمة، ومنذ عام 2005 تسعى سلطات الاحتلال لهدم منازله، البالغ عددها 100 منزل، لإقامة "حديقة توراتية".
وأضحت خيمة البستان مركزًا للتجمع ولأداء صلاة الجمعة، واستقبال الوفود والمتضامنين، وباتت وسيلة ناجعة لتأخير أوامر الهدم لما لها من تأثير إعلامي عالمي ودور في صناعة الرأي العام، وجذب اهتمام العالم إلى مأساة الحي المقدسي.
هجمة شرسة
ويقول الناشط المقدسي صالح ذياب لوكالة "صفا" إن قوات الاحتلال تشن هجمة شرسة على حي الشيخ جراح وسكانه، وتستهدف خيم التضامن، إذ تفاجأنا قبل يومين بحضور طواقم من بلدية الاحتلال إلى الحي وتعليقها إخطار الهدم على جدران الخيمة.
ويشير إلى أن الخيمة مقامة في الحي منذ فترة طويلة، للاحتجاج على قرارات الإخلاء، ولمواجهة إجراءات الاحتلال ومحاولات المستوطنين الحثيثة للاستيلاء على منازله.
ويوضح أن الاحتلال أمام الضغط الجماهيري والتواجد الواسع لأهالي الحي والصحفيين والمتضامنين، تراجع عن قرار الهدم، وأمر بتمزيق الإخطارات المعلقة.
ويخشى الاحتلال، وفقًا لذياب، من الحراك الشعبي وحركات التضامن مع الفلسطينيين، ويحاول بكافة الوسائل وقفها ومواجهتها، باعتباره عنصرًا رئيسًا ومهمًا أثبت نجاعته على مدار سنوات، أمام عنجهية الاحتلال، وأرغمه على الرضوخ والتراجع عن إجراءاته في القدس.
ويبين أن الاحتلال لا يريد أي تضامن شعبي مع الأهالي المهددين بالتهجير، خشيةً من تصاعد الاحتجاجات والمواجهات في المدينة المقدسة.
ويؤكد ذياب ضرورة استمرار الاحتشاد والتواجد الجماهيري اليومي في خيم الاعتصام، لمواجهة قرارات الاحتلال ووقف عمليات الهدم والترحيل للسكان المقدسيين.
وتعبر خيام التضامن عن معاناة آلاف العائلات المقدسية المهددة بالطرد من منازلها، بسبب إخطارات الهدم والإخلاء التي لم تتوقف.
استهداف ممنهج
أما عضو لجنة الدفاع عن أراضي القدس صالح الشويكي، فيؤكد لوكالة "صفا"، أن الاحتلال ينتهج برنامجًا سياسيًا يمينيًا متطرفًا في تعامله مع مدينة القدس وسكانها، ويستهدف أي وسيلة أو وقفة للتضامن مع الأهالي المهددين بالإخلاء.
ويضيف أن الاستهداف الإسرائيلي لخيم الاعتصام في سلوان والشيخ جراح، يمثل سياسة إجرامية إرهابية، واعتداءً على حقوق المقدسيين بهدف إضعافهم وكسر إرادتهم وشوكتهم في مواجهة مخططات الاحتلال التهويدية والاستيطانية، وكذلك إضعاف ثقتهم بالمقاومة.
ويوضح أن الخيم التضامنية تشكل عاملًا أساسيًا لرفع معنويات المقدسيين وتحقيق حقوقهم المشروعة، ووقف القرارات الاحتلالية التي تستهدف منازلهم وأراضيهم، في مقابل إحباط معنويات حكومة الاحتلال.
ويشير إلى أن تواصل التضامن مع شعبنا في القدس واتساع رقعته، يكشف عن عنجهية الاحتلال ومدى إجرامه أمام العالم، وهذا ما تخشاه "إسرائيل" من خيم الاعتصام.
ويتابع الشويكي "نحن ندافع عن حقوقنا ومنازلنا بصمودنا وثباتنا، وسنواصل تضامنا واحتجاجاتنا على قرارات الهدم والإخلاء مهما كان الثمن".