لم تتوقف سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن استهداف الأسرى المحررين والنشطاء المقدسيين، ومن له دور كبير في الدفاع عن مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى المبارك، ونصرة قضيتها، وفضح جرائمه وانتهاكاته غير القانونية واللاأخلاقية ضد المدينة وسكانها.
وتشكل قضية الإبعاد عن القدس إحدى أدوات الاحتلال الظالمة والممنهجة بحق النشطاء والشخصيات المقدسية المؤثرة، والهادفة لكسر إرادتهم وشوكتهم، وردعهم عن مواصلة تصديهم للانتهاكات والممارسات الإسرائيلية المستمرة بحق المدينة وسكانها.
والخميس الماضي، سلمت سلطات الاحتلال أربعة أسرى محررين قرارات عسكرية تشير إلى نيتها إبعادهم عن أحياء في مدينة القدس لفترة تتراوح من 3 – 6 أشهر، بحجة أنهم يشكلون "خطرًا على أمنها".
وأمهلت شرطة الاحتلال المحررين الأربعة، وهم ماجد الجعبة، يعقوب أبو عصب، ناصر الهدمي، وسليم الجعبة، 72 ساعة للاعتراض لدى ما يسمى بـ"قيادة الجبهة الداخلية".
ولا تستند سلطات الاحتلال إلى قانون واضح في ملفات إبعاد المقدسيين، لذلك أمست توجه لهم لوائح اتهام وتفرض عليهم الحبس المنزلي حتى إتمام إجراءات القضية أو إطلاق سراحهم، وكذلك إبعادهم عن أماكن سكناهم، أو المدينة المقدسة لفترات متفاوتة.
ومنذ بداية العام الجاري، أصدرت سلطات الاحتلال 365 قرار إبعاد، بينها 257 قرار عن الأقصى، 18 عن القدس، 68 عن القدس القديمة، و4 قرارات منع مقدسيين من دخول الضفة الغربية. وفق مركز معلومات وادي حلوة
قرارات مجحفة
ويتحدث الناشط المقدسي ناصر الهدمي لوكالة "صفا" عن تفاصيل قرارات الإبعاد، قائلًا:" الأربعاء الماضي تسلمت استدعاءً من مخابرات الاحتلال للتحقيق في غرف (4) بمركز المسكوبية، ولتسليمي قرار إبعاد عن أحياء في القدس".
ويضيف "في اليوم التالي توجهت لمركز المسكوبية، وتم إبلاغي بوجود قرار بإبعادي عن أحياء معينة بالمدينة لمدة 6 أشهر، بحجة انتمائي لحركة حماس، ومشاركتي في نشاطاتها، وأنني أشكل خطرًا على أمن الاحتلال في القدس".
ويتابع "قدمنا عبر المحامي حمزة قطينة بالأمس، اعتراضًا لدى مخابرات الاحتلال على قرارات الإبعاد التي طالت أيضًا 3 نشطاء آخرين، وما زلنا ننتظر الرد".
ويشير إلى أن سلطات الاحتلال لم تُسلمهم حتى اللحظة خارطة بالأماكن المسموح التواجد فيها داخل القدس، والأشخاص الممنوع التواصل والاتصال معهم.
ويصف الهدمي قرارات الإبعاد بأنها مجحفة وظالمة، تؤثر على حياتنا، موضحًا أن الاحتلال يريد من ورائها، تكميم أفواه النشطاء والشخصيات المؤثرة والفاعلة، والمدافعين عن القدس، كونهم يشكلون شريحة مهمة في المدينة.
وبحسبه، فإن سلطات الاحتلال تستهدف كل من يتحدث ويتحرك، وتمنع خروج أي صوت مؤثر من القدس، قد يشكل محركًا رئيسًا للضفة الغربية، ونوعًا من المواجهة مع الاحتلال وممارساته المستمرة بحق الشعب الفلسطيني.
ويوضح أن هناك استهدافًا إسرائيليًا واضحًا وممنهجًا لأي شخصية بارزة في المدينة، بحيث سعى الاحتلال منذ ما يزيد عن 15 عامًا لإنهاء وجود تلك الشخصيات القيادية بكافة الوسائل والطرق، ومن خلال محاربتها واعتقالها وإبعادها.
ووفقًا للهدمي، فإن الاحتلال باستهدافه للنشطاء والشخصيات القيادية والوطنية، يريد أن يحارب الهوية المقدسية ويطمسها، وأن يفرض سيادته الكاملة على المقدسيين، فهو لا يريد أي وجود فلسطيني فاعل في المدينة.
ولمواجهة سياسة الإبعاد، يؤكد الناشط المقدسي أن المواجهة تكون بالإصرار على الثبات والصمود، وعدم الرضوخ لسياسات الاحتلال العنصرية، وكذلك تحمل إجراءاته الظالمة.
تفريغ القدس
وأما رئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين أمجد أبو عصب، فيقول لوكالة "صفا" إن الاحتلال يشعر بحالة من اليأس والإحباط بسبب مقاومة أهل القدس وغزة، والتفاف أبناء شعبنا في الضفة والداخل والشتات، لذلك يحاول توجيه ضربة قوية للأسرى المحررين والنشطاء المقدسيين.
ويوضح أن الاحتلال يستهدف شريحة مهمة بالقدس، وقد أصدر مجموعة من القرارات بحق الأسرى المحررين تمثلت بالإبعاد ومنع التواصل، ومصادرة الأموال، وأيضًا الاعتقال وقطع التأمين الصحي عن 20 أسيرًا وناشطًا وعائلاتهم.
ويضيف "هذه إجراءات ظالمة وعنصرية، هدفها إثارة الخوف في قلوب المحررين والنشطاء، وتفريغ القدس من أبنائها المؤثرين والمدافعين عن قضيتها، بالإضافة لتدمير النسيج الاجتماعي".
ويشير إلى أنه لا يوجد أي مبرر حقيقي لإبعادهم عن القدس، فالاحتلال يسوق مبرراته وحججه الواهية بأنهم "يشكلون خطرًا على أمنه"، من أجل تحديد أماكن إقامتهم وتحركاتهم.
وسبق أن مارست سلطات الاحتلال مثل هذه الإجراءات العنصرية بحق مجموعة من الأسرى والنشطاء لديهم عائلات والتزامات، ويعانون أوضاعًا صحية صعبة.
ويؤكد أبو عصب أن قرارات الإبعاد رغم تأثيرها على استقرار هؤلاء المقدسيين إلا أنها لن تثنيهم عن الدفاع عن القدس والرباط في المسجد الأقصى، ونصرة قضيتهما، والتصدي لانتهاكات الاحتلال وإجراءاته بحق المدينة.