لم تتعد مسيرة الأعلام الإسرائيلية في باب العمود بمدينة القدس المحتلة سوى عرض استعراضي لأطفال المستوطنين على مدار ساعتين، وسط ذعر وارتباك قوات الاحتلال من النيل من هيبتهم التي سحقتها المقاومة الفلسطينية في غزة وتصدي المقدسيون.
الاحتلال استخدم 2500 عنصر من أجهزته العسكرية المختلفة لحماية قطعان المستوطنين، إلا أنه لم يوقف مقاومة المقدسيين وأهالي الداخل الفلسطيني من اثبات وجودهم في المكان.
طائرات مسيرة حلقت في سماء القدس ومخابراته اعتلت أسطح البنايات المحيطة في باب العمود، وفرضت إغلاقًا محكمًا بالحواجز والسواتر الحديدية لحماية مساحة محدودة، لم تضف سيطرة وهيمنة على القدس، بل ضعف وخزي وعار، مقابل مقاومة تصدت بصدورها العارية للرصاص الحي والمطاط.
مسيرة العار تزامنت في باب العمود مع اليوم الثاني من تسلم رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد نفتالي بينت سدة الحكم، ليحفظ ماء وجهه مع اليمين المتطرف بمسيرة استعراضية مؤقتة لصبية المستوطنين.
حاولت سرقة ساعتين من طهارة باب العمود لكنها لم تمنح الاحتلال نصرًا بالاحتفال باحتلال القدس، بل زادها عزًا ونصرًا وثباتًا للمقدسيين، بأنهم الباقون والمستوطنون الراحلون والمنهزمون من المكان.
وتجدد النصر حين تغيير مسار المسيرة، إذ سارت من "مبنى وزارة المعارف المحاذي لشارع الأنبياء الذي يفصله أمتار عن باب العمود، وعادت إلى باب الخليل بالبلدة القديمة بالقدس، ودخلت منه حتى وصلت ساحة البراق".
كان يشارك في السنوات الماضية بها عشرات آلاف المستوطنين، بينما حضر أمس مئات الصبية، ما يدحض ما تناقلته وسائل الإعلام العبرية عن آلاف سيخرجون للمشاركة فيها.
ولم يستطع هؤلاء التحرك من المكان الذي حدد لهم داخل الحواجز الحديدية تحت حماية سلاح الجيش الإسرائيلي، وكانوا على أطراف البلدة وحرموا من اقتحام باب العمود والأقصى كما كان مخطط لها في 28 رمضان الماضي.
راهن الاحتلال على مسيرة فاشلة لم تتعد الرقص والألفاظ العنصرية والطقوس التلمودية، بينما لم تحرك ساكن في هوية وفلسطينية المكان.
خيبة جديدة تلحق بأجهزة الاحتلال وحكومته، بعد أن فضحت وسائل الاعلام استخدامها القوة المفرطة ضد المقدسيين لحماية قطعان المستوطنين، بينما لم يمنحها شرعية ولا سيادة على المدينة، بل إبرازاً لوجه الاحتلال الجاثم عليها منذ احتلالها بفوهات البنادق.
وتصدى المقدسيون لقوات الاحتلال خلال مواجهات في محيط باب العمود بالحجارة حتى هربت منهم الخيالة، واضطرت إلى استخدام الرصاص الحي والمطاط والمياه العادمة لتفريقهم، والاعتداء عليهم واعتقال عدد منهم.
والانتصار الحقيقي سجله المقدسيون بثباتهم وصمودهم وتلاحم أبناء الشعب الفلسطيني بكافة أماكن تواجده، واثبات فلسطينية وعروبة القدس مهما مر عليها من قطعان وآليات وقوات.
وأبرق الشبان المقدسيون برسالة واضحة، من خلال وضعهم المنظفات والمواد المطهرة في ساحة وأدراج باب العمود في القدس المحتلة، لتنظيفها من دنس المستوطنين والاحتلال.