قال المختص في شؤون القدس خالد زبارقة إن "مسيرة الأعلام" الاستفزازية في مدينة القدس المحتلة فشلت فشلًا ذريعًا في تمرير الرسالة للمجتمع الإسرائيلي الرامية إلى فرض الشرعية والهوية اليهودية على المدينة، وتحديدًا باب العامود والبلدة القديمة.
وأوضح زبارقة في تصريح خاص لوكالة "صفا" يوم الأربعاء، أن المسيرة بهذه الآلة الإعلامية الإسرائيلية التي رافقتها من تأمين شرطي كبير، وبالضعف والهزال التي ظهرت فيه، في مقابل تصدي المقدسيين لهم ورفع العلم الفلسطيني في وجوه المستوطنين، أعطت الصورة الحقيقية لمدينة القدس وجسدت معنى الاحتلال فيها.
وأضاف أن المسيرة الاستفزازية وما حدث من تغيرات بمسارها، أثبتت أن الاحتلال ليس صاحب القرار، وأنه فاقد لأي شرعية أو سيادة في المدينة المقدسة، وأن السيادة للفلسطينيين والمسلمين وحدهم، وأن هويتها عربية إسلامية بحتة.
وأكد أنه لا يمكن لأي قوة عسكرية إسرائيلية مهما بلغت أن تفرض شرعيتها على القدس، وأن أي محاولة لتغيير الواقع وفرض الإرادة والسيطرة لن يكتب لها النجاح.
وأشار إلى أن المجموعات اليهودية الإرهابية التي شاركت في "مسيرة الأعلام" هي أحد أذرع الاحتلال التي يستعملها ويمنحها كل الدعم لأجل تغيير هوية القدس، وخلق الفوضى والتوتر في المدينة، ظنًا منه أنه يستطيع أن يرتب الأمور كيف يشاء.
ولفت إلى أن الاحتلال بقواته العسكرية والشرطية حاول تغيير هوية باب العامود وطرد المقدسيين منه ومنع تواجدهم في المنطقة، ووضع الحواجز الحديدية، لكنه فشل بشكل رسمي في تحقيق ذلك.
وبيّن أن الاحتلال فشل أيضًا في إحداث أي تغيير بالمسجد الأقصى المبارك، وتتويج كل ممارساته ومخططاته في القدس، نتيجة تصدي الشارع المقدسي لهذه الممارسات.
واعتبر أن "مسيرة الأعلام" بالأمس جاءت "ضعيفة وهزيلة، ما يدلل على أن عصر الهزائم المتتالية للاحتلال بدأ من القدس وباب العامود والشيخ جراح".
وقال زبارقة: إن "الاحتلال ظن أنه بتوقيع اتفاقيات التطبيع والعار مع دول عربية تتساوق مع روايته ومخططاته، وبتجنيد مجموعة خارجة عن الشعب الفلسطيني سواء في الضفة الغربية أو الداخل المحتل، أن الأمور أصبحت مهيأة لتنفيذ مشروعه الأكبر وهو تهويد القدس بأكملها".
وأضاف "لكن صمود الشباب الفلسطيني والمقدسي وتصديهم لمخططاته وإجراءاته العنصرية أفشل كل مساعيه الهادفة لتغيير الحيز العام بالمدينة، وصولًا للبلدة القديمة وباب العامود".
وأكد أن سلطات الاحتلال تريد أن تحسم قضية البلدة القديمة وصولًا للمسجد الأقصى، فهي تستخدم كل إمكانياتها ونفوذها وقوتها العسكرية ومحاكمها في سبيل تحقيق هدف تهويد القدس ونشر الرموز اليهودية فيها.
وأوضح أن الاحتلال يسعى لتكريس مفهوم "الدولة اليهودية" في القدس، من خلال عدة عناصر، أولًا: ضمان أكثرية يهودية قوية أمام أقلية عربية ضعيفة، ثانيًا: ضمان تهويد الحيز العام في المدينة، وطمس الرموز والمعالم العربية الإسلامية لتحل محلها رموز تلمودية، بهدف إثبات أن القدس مدينة يهودية.
والعنصر الثالث-وفقًا لزبارقة- "تكريس مفهوم الفوقية اليهودية أمام الدونية العربية، لأن الاحتلال يُؤمن أن العنصر البشري اليهودي بالقدس الأهم في حسم الصراع".
ولفت إلى أن "المقدسيين بوقفاتهم الشجاعة استطاعوا كشف الوجه القبيح للاحتلال وللأنظمة العربية التي تتساوق وتنسجم مع المشروع الصهيوني".
وشدد على أن حق الفلسطينيين في القدس حق ثابت لا يتزحزح، ولو استعملت "إسرائيل" كل ترسانتها العسكرية والأمنية والمخابراتية.
واعتبر أن ما يقوم به الاحتلال بالمدينة خارج عن القانون، ويشكل جريمة ضد الإنسانية، مطالبًا في الوقت نفسه، العرب والعالم الحر بالتحرك العاجل لوقف هذه الجريمة، وحماية المقدسات.
وكانت "مسيرة الأعلام" نُظمت مساء الثلاثاء، في مدينة القدس، بمشاركة حوالي 5 آلاف مستوطن، تحت حراسة أكثر من ألفي عنصر شرطة.
وتزامنًا مع وصول المسيرة، اعتدت قوات الاحتلال على المقدسيين في منطقة باب العامود بالضرب والرصاص المطاطي وقنابل الصوت، ومنعتهم من الدخول والخروج إلى البلدة القديمة.
وطافت المسيرة محيط البلدة القديمة وعدة أزقة من البلدة القديمة بينها شارع السلسلة وصولًا إلى حائط البراق، بعد اضطرار الاحتلال ومستوطنيه إلى تغيير مسارها على وقع تهديدات فصائل المقاومة.
وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية إن شرطة الاحتلال غيرت خط سير "مسيرة الأعلام" في اللحظة الأخيرة خشية تصعيد الأمور مع قطاع غزة.
وذكرت أن المسيرة كان يفترض أن تمر عبر السوق في حي رأس العامود، إلا أن الشرطة غيرت خط سيرها مع توافد المشاركين وسمحت فقط لمجموعات تضم 50 شخصًا بالمرور من هناك تحت حراسة مشددة، حيث كان يخشى من احتكاك المسيرة مع أصحاب المحلات الفلسطينية.