يشتكي سكان بلدة كفر عقب شمالي مدينة القدس المحتلة من إهمال إسرائيلي متعمد للبنى التحتية ولأبسط الخدمات والحقوق الأساسية، في ظل استمرار بلدية الاحتلال بالتنصل من مسؤولياتها تجاه البلدة، وعدم العمل على تطويرها، رغم المناشدات المتواصلة على مدار السنوات الماضية.
وتُبعد كفر عقب 11 كيلو مترًا عن البلدة القديمة بالقدس، وحوالي أربعة كيلومترات عن مدينة رام الله، وتتبع إداريًا لبلدية الاحتلال الإسرائيلي، لكن جدار الفصل العنصري عزلها عن مركز المدينة، وحولها إلى ما يشبه "الجيتو" المدني، كبقية الأحياء المقدسية التي فصلها الجدار.
ولا تتلقى كفر عقب الخدمات المفترضة من بلدية الاحتلال، وليس للسلطة الفلسطينية ومؤسساتها أي صلاحيات فيها، كونها مقيدة باتفاق "أوسلو".
ودفعت إجراءات الاحتلال وشروطه التعجيزية المفروضة على تراخيص البناء، وكذلك الكثافة السكانية، عشرات آلاف المواطنين من حملة الهوية المقدسية، إلى العيش في منازل وعمارات سكنية عشوائية دون تنظيم أو بنية تحتية سليمة وصالحة، وفي ظل غياب التخطيط والإشراف والرقابة.
وخلال الأسبوع الماضي، صعدت قوات الاحتلال من اعتداءاتها على البلدة وسكانها، وكثفت من تواجدها العسكري في شارع المطار بالبلدة، وهدمت مخزنا، وجرفت أرضًا، كما هددت بهدم المحال التجارية في منطقة "غرب معهد الوكالة"، وأعلنها منطقة عسكرية.
أوضاع مأساوية
يفتقد سكان كفر عقب إلى عديد الخدمات الأساسية، التي تمتنع بلدية الاحتلال عن تقديمها، مقابل دفعهم كافة الضرائب، بما فيها ضريبة "الأرنونا"، وذلك للحفاظ على الهوية المقدسية، وعدم سحب إقامتهم. كما يقول رئيس لجان الأحياء الشمالية بالقدس منير زغير.
ويوضح زغير لوكالة "صفا" أن البلدة تعاني منذ سنوات، أوضاعًا مأساوية وأزمات متراكمة، تتمثل في عدم وجود بنية تحتية سليمة، وشبكات صرف صحي مؤهلة ومنظمة لتصريف المياه، ما يؤدي إلى غرق الشوارع بمياه الأمطار.
ولا تقوم بلدية الاحتلال بدورها حيال تأهيل وتعبيد بعض الطرق والشوارع وإنارتها بالكهرباء، وفتح شوارع جديدة لتخفيف معاناة المواطنين، وتقليل أزمة السير والازدحام المروري.
ويضيف أن البلدة تفتقر للنوادي الرياضية والملاعب والمتنزهات، ولوجود مستشفى لعلاج المرضى، وتقتصر فقط على بعض العيادات الطبية، واصفًا بالوقت نفسه الوضع بالبلدة "صعب للغاية وكارثي".
وما يفاقم معاناة السكان، تراكم النفايات وتكدسها في الشوارع، مما ينذر بحدوث مكاره صحية وبيئية، وانتشار للأوبئة والأمراض بين المواطنين، خاصة في ظل استمرار تفشي فيروس "كورونا".
ويعاني آلاف السكان من السير لمسافات طويلة في شوارع بلا أرصفة، واجتياز حاجز قلنديا، واستخدام جسر يصل من شمال القدس إلى جنوبها بمسافة 800 متر مربع، ما يشكّل خطورة على حياة المارة خاصة كبار السن والأطفال وذوي الإعاقة.
إهمال متعمد
ويؤكد زغير لوكالة "صفا" أن بلدية الاحتلال تتعمد إهمال الأحياء الفلسطينية الشمالية في القدس، وتهميشها من أجل طرد السكان وترحيلهم عن المدينة، بالإضافة إلى إحداث الفوضى والعديد من المشاكل الاجتماعية.
ويشير إلى أن 58 ألف من إجمالي عدد سكان كفر عقب البالغ 70 ألف نسمة، يقطنون في عمارات سكنية خطرة بُنيت دون ترخيص، وبعيدًا عن الرقابة والتخطيط، ما ينذر بمخاطر كبيرة على السكان.
ويُحمل زغير بلدية الاحتلال المسؤولية الكاملة عن كل ما يجري في البلدة، مطالبًا إياها بالعمل السريع على تلبية احتياجات المواطنين، وتوفير كافة الخدمات اللازمة لهم.
ويوضح أن رئيس بلدية الاحتلال موشيه ليؤون زار المنطقة الأسبوع الماضي، وتفاجأنا بهدم قوات الاحتلال بعض المنشآت العشوائية في البلدة، بادعاء "العمل على إقامة ملاعب ونادي رياضي للسكان".
ويتابع: "كنا طالبنا بلدية الاحتلال ولا زلنا بتحقيق عديد المطالب التي يحتاجها السكان للتخفيف من معاناتهم والعيش حياة كريمة، إلا أننا نتلقى في كل مرة وعود لا تحقق، لكن نأمل أن تقوم البلدية بمسؤولياتها المنوطة بها تجاه السكان".
وخلال الأسبوع الماضي، نصبت قوات الاحتلال لافتة إعلان عن إقامة مشروع استيطاني جديد في المنطقة، يهدف إلى إقامة مجمع رياضي ومتنزه استيطاني على حساب أراضي الموطنين.
وكشفت بلدية الاحتلال عن مشروع لإقامة مجمع رياضي تبلغ مساحته أربعة دونمات على أراضي بلدة كفر عقب.
وأوضحت أن المشروع سيشمل بالإضافة إلى المجمع، منتزه ومركز إطفاء، وسيقام على أراض لمواطنين فلسطينيين في المنطقة المتاخمة لمطار قلنديا من جهة كفر عقب.
وقال رئيس البلدية موشيه ليؤون: إن "سكان كفر عقب هم أيضًا من سكان القدس، وأنا أنوي استثمار الموارد لرفاهيتهم على الرغم من كون الحي خارج السياج الأمني الفاصل، بالإضافة لأعمال تطوير الملعب والمنشآت الرياضية، قمنا أيضًا بزيادة ميزانية تنظيف وتطوير الحي، ونحن نعمل حاليًا على التخطيط لمجمع تعليمي جديد لأطفال الحي". وفق ادعاءه.