قالت مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان إنها تمتلك أدلة قوية وقاطعة على ممارسة سلطات الاحتلال الإسرائيلي التعذيب وسوء المعاملة بحق المعتقلين الفلسطينيين منذ نهاية شهر آب/ أغسطس 2019.
وأشارت المؤسسة في بيان لها الاثنين إلى أنها لم تتمكن من نشر أي تفاصيل قبل هذا التاريخ بسبب أمر منع النشر الذي أصدرته محكمة الصلح الإسرائيلية في القدس المحتلة.
وأوضحت أن سلطات الاحتلال عملت منذ احتلال فلسطين، على تكريس سياسة التعذيب الممنهج، وذلك من خلال سن قوانين تشرّع ممارساتها المختلفة للتعذيب، وفرضت حصانة على ممارسة هذه الجريمة، حيث لم يتم محاسبة أي شخص أو جهاز على خلفية ممارسة التعذيب بحق الفلسطينيين.
وبينت أن سلطات الاحتلال وبشكل خاص جهاز المخابرات الإسرائيلي "الشاباك" تمارس التعذيب بحق المعتقلين الفلسطينيين بشكلٍ ممنهج وعلى نطاق واسع.
ووثقت مؤسسة الضمير في الفترة الأخيرة ممارسة المحققين التعذيب بشقيه الجسدي والنفسي بحق العديد من المعتقلين الفلسطينيين في مراكز التحقيق دون توافر أي شكل من أشكال الحماية.
ولفتت إلى أنه بتاريخ 10/9/2019، استصدر جهازي "الشاباك" والشرطة الاسرائيلية أمرًا بمنع النشر في حالات المعتقلين القابعين في مركز تحقيق "المسكوبية"، وبالتالي منع الجمهور، ومؤسسة الضمير التي تمثل المعتقلين من نشر أي معلومات تتعلق بهم وبظروف التحقيق معهم.
وأضافت أنه تم تجديد أمر منع النشر لعدة مرات حتى تجاوزت فترة الثلاثة أشهر، وبالرغم من ذلك إلا أن جهاز المخابرات ومن ورائه وسائل الإعلام الإسرائيلية نشرت معلومات للجمهور حول بعض هذه الحالات، في محاولة منها للتغطية على الجريمة التي ارتكبتها بحق أحد المعتقلين، والذي تم نقله للمشفى بحالة الخطر الشديد نتيجة التعذيب.
وتابعت "ومن ثم عادت ونشرت بيانًا آخر بمعلومات إضافية قبل انتهاء مدة أمر منع النشر، وهو ما يُظهر خرق مخابرات الاحتلال لأمر المنع الذي صدر بناءً على طلبهم؛ وذلك في محاولة للتأثير على الرأي العام، وبالمقابل مُنع الممثلون القانونيون للمعتقلين من نشر أي معلومة، وقيّد الأمر حقهم في حرية النشر".
واعتبرت أن إصدار أمر منع النشر يأتي بالأساس بهدف التغطية على جرائم التعذيب التي ارتكبت بحق المعتقلين الفلسطينيين في مراكز التحقيق، ولمنع الجمهور والممثلين القانونيين من فضح التعذيب وسوء المعاملة التي عانى منها المعتقلون في الأشهر الأخيرة.
وأفادت بأن المعتقلين الذين تم نقلهم إلى مركز تحقيق "المسكوبية" في الفترة الأخيرة تعرضوا إلى تحقيق قاسٍ ولفترات طويلة مع منعهم من مقابلة محاميهم واستشارته، حيث تراوحت فترات المنع من لقاء المحامي بين 30 إلى 45 يومًا في بعض الحالات.
وذكرت أن محققي الاحتلال مارسوا تعذيبًا جسديًا ونفسيًا بحق المعتقلين، وتعددت الأساليب التي استخدموها معهم، وشملت على سبيل المثال لا الحصر: العزل والتحقيق لفترات طويلة والضرب المبرح والشبح والحرمان من النوم، والحرمان من احتياجات النظافة الصحية والتحرش الجنسي والتهديد.
بالإضافة للتعذيب النفسي الشديد بما في ذلك استخدام أهل المعتقل معتقلين آخرين للضغط على المعتقل، وشملت التهديدات المستخدمة تهديدات بالإيذاء والاغتصاب والتعذيب وإلغاء الإقامة لأهل القدس.
ونوهت مؤسس الضمير إلى أنه تم الكشف سابقا عن وجود سجون سرية لدى "دولة الاحتلال"، ويتم اخفائها من الخرائط والصور الجوية
وأشارت إلى أن محامييها بدأوا بجمع أدلة قاطعة تثبت ممارسة التعذيب وسوء المعاملة بحق المعتقلين في مراكز التحقيق منذ اليوم الأول الذي سمح لهم فيه بمقابلة المعتقلين.
وفي الأشهر الثلاثة الماضية، قدم محامو الضمير العديد من طلبات الطعون إلى محاكم الاستئناف العسكرية الإسرائيلية بشأن فترات الاعتقال، والعديد من طلبات الالتماس إلى المحكمة العليا الإسرائيلية بشأن الأوامر التي تمنع المعتقلين من مقابلة محاميهم، وقوبلت جميع الالتماسات المقدمة إلى "العليا بالرفض".
ولفتت إلى أنه جرى أيضًا رفض حوالي 95% من الطعون المقدمة الى محكمة الاستئناف العسكرية الإسرائيلية، وهذا يدل على أن المحاكم العسكرية والمحكمة العليا ليست محاكم مستقلة ومحايدة ومشكلة بانتظام، حيث أنها تضع طلبات واحتياجات جهاز المخابرات الإسرائيلي كأولوية رئيسة دون أي اعتبار لحقوق المعتقلين.
وقالت إنه وبناءً على خبرة عمل طويلة للعديد منظمات حقوق الإنسان التي تعمل على توثيق جرائم الاحتلال بهدف ملاحقة ومساءلة سلطات الاحتلال على جرائمه، لا توجد آليات محلية فعالة للمساءلة على جرائم التعذيب وسوء المعاملة والحرمان من المحاكمة العادلة.
وأوضحت أنها قدمت في السنوات العشر الأخيرة، عشرات الشكاوى على التعذيب سنويًا، ولم يتم فتح تحقيق في أي منها، لكن الحالة الوحيدة التي تم فتح تحقيق فيها من قبل سلطات الاحتلال، هي قضية تحرش جنسي، وتم إغلاقها دون توجيه اي اتهام ضد الجناة في هذه القضية.
وأضافت أنه" وفقًا للجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل (PCATI) منذ عام 2001، تم تقديم حوالي 1200 شكوى عن التعذيب أثناء التحقيق في مراكز تحقيق الاحتلال. لكن جميع هذه الشكاوى قد تم إغلاقها دون أي إدانة".
ودعت مؤسسة الضمير المجتمع الدولي إلى محاسبة "إسرائيل" على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية ووضع حد لإفلات سلطات الاحتلال وحصانة الجناة من العقاب.