كأن القدّر ساقهم للخروج مبكرًا من مقرهم الرئيس، قبل موعد مغادرتهم المعتاد من المكان، كي لا يكون ضحية قنابل إسرائيلية، أسقطتها طائرات حربية إسرائيلية دون سابق إنذار، على مقر الاتحاد الفلسطيني العام للأشخاص ذوي الاعاقة بمدينة رفح جنوبي قطاع غزة؛ ما تسبب في تدميره بشكلٍ كامل.
وتعرض المقر الرئيس للاتحاد للتدمير الكُلي، خلال قصفٍ نفذته مقاتلات حربية إسرائيلية، دون سابق إنذار، لعمارة زعرب السكنية، وسط رفح، مساء الأحد الماضي، خلال العدوان على القطاع، ما تسبب في ارتقاء ثلاثة مدنيين وتدمير ثلاث شقق بشكلٍ كبير.
وتضم الشقق التي تعرضت للتدمير مكتب للاتحاد، ومؤسسة تعليمية للمدرس على عبد الجواد (51عامًا)، الذي استُشهد في القصف، ومقهىً للشاب موسى معمر (34عامًا)، استُشهد هو الآخر ومعه هاني أبو شعر (39عامًا)؛ في عمارة من ستة طوابق معظمها سكنية.
المغادرة مبكرًا
لم تُصدق ياسمين عابد (29عامًا) المدير العام للاتحاد برفح، والتي غادرت مكان القصف مبكرًا على غير العادة مع زملائها، ما تعرض له المكتب، الذي لم يمضي على افتتاحه ثلاثة أشهر، أصبح أثرًا بعد عين.
صُدِمت ياسمين من هول المشهد، وتخيلت نفسها أنها واحدًا ممن تعرضوا للقصف؛ لأنها آخر من غادر المكان، والتقت بالشهيد معمر وتحدثت معه قبل مغادرتها؛ لتتفاجأ باستشهاده.
وتقول وهي تقلب بين الركام إن المكان قبل قصفه كان به عدد من ذوي الهمم، ولو كانوا بداخله وقت القصف لحدثت مجزرة؛ مضيفة "لم نصدق بعد ما حدث؛ ونتساءل جميعًا لماذا تم قصف المكان، ويتساءل المعاقون أين سيكون مقرهم ومكان تجمعهم بعد اليوم؟!".
وتوضح ياسمين أن الاتحاد يقدم خدمات نقابية وحياتية لمختلف أنواع الإعاقة بما فيها الإعاقات خلال مسيرات العودة، ويستفيد منه المئات برفح؛ هؤلاء الأشخاص أصبحوا اليوم بلا مكان يقدم لهم الخدمات.
بلا مأوى
وتتساءل "لا نعلم بعد ما هو السبب الذي يدفع الاحتلال لقصف مكان مدني، يضم شققًا سكنية ومركزًا تعليميًا ومقهىً، لذا أين الأهداف التي يُبرر قصفها؟
وتبين ياسمين أن الأشخاص من ذوي الهمم يتعرضون لعنف من الاحتلال؛ كما أنه بموجب القوانين فهؤلاء أشخاص محميون من أي عدوان؛ فجميعهم الآن يشعرون بالصدمة لما حدث.
وتشدد على أن لأولئك الأشخاص حقوق في توفير مقر لهم، لأنهم أصبحوا بلا مأوى اليوم؛ نحن فوق الركام، لم يتبقى شيء نأخذه من المكان.
قتل حُلم
حنان برهوم من ذوي الهمم هي الأخرى لن تتمكن من العودة مجددًا لمقر الاتحاد، الذي تدمر بداخله حُلمها، ومشروعها في التطريز وصناعة الأشكال الفنية الذي دشنته داخل المقر، ولم يتبقى منه سوى قطع صغيرة دفنت بين الركام.
وتساءلت: "جئت اليوم للمقر لأرى ما حل به، وكيف تعرض للتدمير، فكيف دُمرت أحلامنا بداخله، كنت أجيء إلى هنا لاكتساب بعضٍ من أجواء السعادة، لكن في النهاية كل شيء ذهب وانتهى، ولم يعد للأحلام متُسّع".
وتتابع "أشعر كأن شيء يخنقني، فلا أطيق رؤية ذاك المشهد؛ لم يكتفي الاحتلال بحرماننا من كل شيء، فأتى ليدمر المكان الذي يجمعنا ويأوينا كمعاقين؛ على العالم ألا يغمض عيناه هذه المرة ويشاهد ما حدث، ويضع حد لهذه المشاكل ويقف معنا.
وشنت "إسرائيل" عدوانًا بدأ مساء الجمعة واستمر حتى مساء الأحد، أدت لاستشهاد 27 فلسطينيًا، وأصيب نحو 154 آخرين؛ وفق وزارة الصحة؛ بينما تعرضت 800وحدة سكنية للتدمير، منها 700 بشكلٍ جزئي ونحو 100 بشكلٍ كامل.