رضوض وكدمات في الوجه واليدين والظهر.. واحتقان الدماء في يدي الفتى المقدسي محيي ماجد الرشق، نتيجة اعتداء المحققين الإسرائيليين عليه في غرفة التحقيق بمركز شرطة القشلة في البلدة القديمة بالقدس المحتلة.
هذا هو حال أطفال وقاصرين وشبان مدينة القدس وخاصة البلدة القديمة، الذين تعرضوا في الآونة الأخيرة للاعتقال والتنكيل خلال تفتيش منازلهم وفي أقبية التحقيق.
ويعتبر الفتى محيي الرشق (15 عاما) من سكان حارة السعدية في البلدة القديمة بالقدس، أحد ضحايا التعذيب والتنكيل من قبل المحققين في مركز القشلة، لانتزاع اعتراف منه ضد قاصرين وشبان مقدسيين.
ويقول المحامي محمود رباح لـ"ًصفا": "للأسف يأخذ المحققون بعض المعتقلين لمكان بعيد عن كاميرات المراقبة للتحقيق معهم، ويتم الاعتداء عليهم بالضرب والتعذيب، للاعتراف بأمور لم يقوموا بعملها".
ويشير إلى أن المحققين اعتدوا على الفتى محيي الرشق خلال التحقيق معه في مركز القشلة، وترك الاعتداء علامات على جسده تحت عينه اليمنى ووجهه ويديه، كما قامت الشرطة الاسرائيلية بشد القيود على يديه بشكل مبالغ فيه خلال اقتياده للمحكمة".
ويلفت إلى أنه قدم شكوى لمركز "ماحش" المختص بتقديم شكاوى ضد الشرطة الاسرائيلية، فيما عبر عن أمله أن يتم التحرك حيال الاعتداءات على الأطفال والقاصرين والشبان، وليس كبقية الحالات الشكوى ليس لها قيمة.
انتزاع الاعتراف
في حين أكد المحامي أنه سواء كان المعتقل قاصرا أو غير قاصر، يمنع منعا باتا انتزاع الاعتراف أو الإفادة منه باستخدام القوة الجسدية أو العنف النفسي.
ويوضح أن العنف عدة أنواع، وممكن أن يكون جسديا أو نفسيا أو من خلال توجيه الإهانة، ويمارس في مراكز شرطة القشلة بالبلدة القديمة، وعوز في جبل المكبر، ومركز صلاح الدين، وعادة المحققون يمارسون الضغط النفسي أكثر حيال المعتقلين.
ويقول رباح إنه قدم استشارة قانونية للقاصر محيي، الذي تم التحقيق معه دون وجود والديه، وهذا ممكن أن يحدث قانونيا في حال وجود أسباب محددة، وتوثيق خطي من قبل المحقق يذكر فيه سبب منعه وجود والديه خلال التحقيق، ذكر حينها أنه لم يُحضر والديه لأنهما يسببان تشويشا على التحقيق.
ويذكر المحامي رباح الذي دافع عن الفتى الرشق أن مجموعة من الشبان والقاصرين اعتقلوا بتهمة إلقاء مفرقعات وحجارة نحو عناصر الشرطة الاسرائيلية، ولم تكن هناك أدلة ضدهم.
وتعرض ثمانية قاصرين وشبان من البلدة القديمة بالقدس المحتلة خلال الأسبوع الماضي لهجمة شرسة من قبل قوات الاحتلال، تمثلت باقتحام منازلهم وتخريب محتوياتها، والاعتداء عليهم بالضرب خلال اعتقالهم، والتنكيل بهم داخل أقبية التحقيق لانتزاع الاعترافات منهم، ما أدى إلى إصابتهم برضوض وجروح في أجسادهم.
وكانت محكمة الصلح غربي القدس أخلت سبيل 5 شبان وقاصرين من البلدة القديمة بالمدينة خلال الأسبوع الماضي، بشرط الحبس المنزلي لمدة 5 أيام ودفع كفالة مالية قيمتها 1500 شيكل، والتوقيع على كفالة طرف ثالث قيمتها 5 آلاف شيكل.
تبادل الأدوار
من جانبه، قال رئيس لجنة أهالي الأسرى والمعتقلين المقدسيين أمجد أبو عصب: إن "سلطات الاحتلال تمارس الكثير من الإجراءات الظالمة بحق أبناء شعبنا خاصة شريحة الأطفال، وتتبع سياسة تبادل الأدوار سواء على مستوى قضائي أو سياسي أو أمني، من أجل تطويع أبناء شعبنا الفلسطيني".
ويشير إلى أن سلطات الاحتلال شرعت قبل نحو عامين ونصف مجموعة من القوانين التي تستهدف الطفولة، أبرزها التي تتيح للمحقق أن يقوم بالتحقيق مع الطفل بمعزل عن والديه ودون استشارة محامي.
التشريعات التي صدرت بحق الأطفال، أعطت مجالا واسعا للمحاكم الإسرائيلية بإصدار أحكام عالية بحق الأطفال لأبسط التهم، وفرض الغرامات المالية العالية، كذلك أتاحت الفرصة أمام الشرطة لاعتقال الأطفال دون سن ال 14 عاما، واحتجازهم داخل مؤسسات للأحداث، رغم أن هذه التشريعات تتنافى مع القانون الدولي واتفاقية حقوق الطفل التي وقع عليها الاحتلال.
مخالفة القانون الدولي
ويلفت أبو عصب إلى أن سلطات الاحتلال تنتهك القانون الدولي وحقوق الطفل من اللحظة الأولى للاعتقال الميداني أو من داخل المنازل، بضربهم أمام عائلتهم وما بين بيوتهم ودورية الشرطة وداخل أقبية التحقيق وتجويعهم وابتزازهم، ومحاولة تخويفهم من خلال إيهامهم أنهم ممكن إيذاء ذويهم.
ويؤكد أن كل هذه الاجراءات تتنافى مع القانون الدولي وحقوق الطفل ويمارسها الاحتلال بحجة محاربته للإرهاب، خاصة أن أطفال مدينة القدس يتصدون لاقتحامات المسجد الأقصى ويدافعون عن المرابطين والمرابطات، ويتواجدون في ساحات المسجد.
70 طفلا مقدسيا في السجون
ويقبع في سجون الاحتلال نحو 6 آلاف أسير وأسيرة، وجل الاعتقالات التي تنفذ على مستوى الأطفال هي الأعلى بالقدس على مستوى محافظات الوطن، وفق ما قاله أبو عصب.
ويوجد في سجون الاحتلال 300 طفل وطفلة، منهم 70 طفلا من القدس، بينهم مجموعة دون سن ال 14 عاما، معتقلين في مؤسسات للأحداث بالإضافة إلى فتيات بسجن الشارون.
ويتركز الأطفال في سجني مجدو وعوفر، وآخرون في سجن مشترك مع الأسرى الجنائيين، كما حصل مع 10 أسرى مقدسيين يقبعون في سجن أوفيك وظروفهم الاعتقالية صعبة.
أهالي المعتقلين
في السياق، يقول رامي الرشق شقيق رياض إن شقيقه رياض اعتقل لعدة أيام دون عرضه على المحكمة أو التحقيق معه.
أما المواطن علي متعب من سكان عقبة درويش فقال إن مخابرات الاحتلال داهمت منزله بعنف، وفتشته وبعثرت محتوياته، واحتجزت الهواتف النقالة للعائلة، واعتدت على نجله عيسى بالضرب المبرح خلال اعتقاله، وجميع أفراد العائلة حتى النساء.
وتعرض المواطن جودت صادق أبو سنينة (48 عاما) للضرب المبرح خلال مداهمة قوات الاحتلال فرنه في عقبة درويش بالبلدة القديمة بالقدس، أثناء تدخله للدفاع عن نجله مالك والحيلولة دون اعتقاله والاعتداء عليه بالضرب، ما أدى إلى إصابته برضوض وكدمات في رقبته وظهره ويديه وساقيه.