مسافر بني نعيم.. إطلالة قاحلة على البحر الميت

يحتشد العشرات من سكان "مسافر بني نعيم" شرق محافظة الخليل قرب نقطة توزيع المياه، التي يزداد الطلب عليها خاصة مع دخول فصل الصيف وقلة الأمطار ومصادر الماء.
 
وفي مكان ليس ببعيد عن نقطة التوزيع تظاهر العشرات من الطلبة حاملين شعارات مطالبة بحل مشكلة المياه المتفاقمة سنوياً والتي لم تجد حلاً.
 
وتطل منطقة "مسافر بني نعيم" على البحر الميت وحفرة الانهدام، ويغلب الجفاف على المنطقة التي يعيش سكانها وسط حالة من القحط الشديد والأمل المنشود لنهاية معاناتهم.
 
وحسب سكان المنطقة البدو، لم تدخر المؤسسات الحكومية والأهلية والأجنبية جهداً لزيارة المنطقة والإطلاع على معاناة سكانها وتقديم المساعدات لهم، لكنهم يصفون تلك المساعدات بالمؤقتة التي غالباً ما تلبث ويفتقدها السكان.
 
ويدعو السكان عبر ممثليهم إلى ضرورة إنقاذ المنطقة التي تعاني الجفاف وقلة الأمطار، ومصادر المياه، ويعيش السكان في حالة فقر مدقع، وأغنام قليلة وأراض لا يملكونها.
 
ويقول أحد المواطنين الذي كان يركب عربة يجرها حمار وعليها عدد من الأواني والقوارير لتعبئة الماء بأنه مضطر للسير يومياً عشرات الكيلومترات من أجل الحصول على مياه للشرب والاستخدام المنزلي.
 
ويضيف المواطن أن "الحال في المنطقة صعب وظروف الناس توصف بالتعاسة"، مطالباً بنظرة إنسانية من الجميع للمواطنين هناك.
 
بدو لاجئون
رئيس مجلس قروي منطقة المسافر خميس الحناجرة يقول لوكالة "صفا": "إن مسافر بني نعيم يسكنها عشرات البدو من قبيلتي الحناجرة والعزازمة، لجأوا إليها من مدينة بئر السبع المحتلة بعد النكبة".
 
ويضيف الحناجرة "قبل 10 أعوام كانت أحوال البدو المعيشية أفضل  بكثير عما وصلت إليه الآن"، لافتاً إلى اعتمادهم حينها على منتجات أغنامهم.
 
ويصف حياة الماضي بالجيدة والجميلة، مبيناً أن السكان كانوا يعيشون بانبساط، وكانت كل عائلة عندها أعداد من الغنم تتراوح بين (70 و80) رأساً.
 
ويوضح أن الجفاف وارتفاع أسعار الأعلاف والديون أرهقت السكان وأودت بأغنامهم التي تعد مصدر قوتهم وعماد حياتهم، إلى الانقراض.
 
ويبين أن السكان يفلحون أراضٍ ليست لهم، لكن الجفاف بدد أحلامهم وعرقل قدرتهم على زراعتها، مشيراً إلى أن المنطقة تتسم بالفقر، بالإضافة إلى مناطق أخرى بعيدة يقطنها البدو تعتبر جرداء ولا تشاهد بها سوى الصخور.
 
ويلفت إلى أن الناس منسيون الآن، ويعانون التهميش والاضطهاد، مبيناً أن الصحافة لم تنصف المنطقة، ولا تغطي معاناتها بالشكل المناسب والمطلوب.
 
مساعدات مؤقتة
ويؤكد أن الكثير من المؤسسات الأهلية والحكومية قدمت لهم المساعدة، لكن حتى اللحظة ما تزال المنطقة تعاني من نقص المياه،
سكان المسافر يضطرون لشراء المباه بأسعار باهظة (صفا)
كما أن المساعدات مؤقتة ولا تلبي الاحتياجات الضرورية للسكان البدو.
 
ويشير إلى أن مدرسة جديدة جرى تأسيسها للسكان في بيت للشعر، وكان عمر الطالب في الصف الأول (15 عاماً)، بينما حرمت الطالبات أعواماً طويلة من الدراسة.
 
كما جرى افتتاح مدرسة جديدة للطلبة، لكنها بعيدة جزئياً عن أماكن سكن الكثيرين الذين يضطرون إلى السير أقدامهم لمسافات تصل عشرة كيلومترات يومياً للوصول إليها.
 
ويقطن المنطقة نحو (150) عائلة بدوية يرعى المجلس القروي مصالحهم، وجرى افتتاح طرق جديدة بالمنطقة تربط آباراً المياه التي أنشت مؤخرا لإنقاذ المنطقة.
 
لكن وجود الاحتلال زاد الطين بلّة، حيث حوّل المنطقة إلى ثكنة عسكرية ومناطق تدريب لجنوده، فيما يقول الحناجرة :" إن التضييق طال منع السكان من الرعي في الأماكن التي تبعد عن سكنهم بنحو 3 كيلومترات، بدعوى أنها مناطق عسكرية".
 
ويشير إلى أن حرية الحركة بالمكان للبدو أصبحت محدودة، بالإضافة إلى إقامة مستوطنة "بني حيفر" في الجهة الجنوبية الغربية للمنطقة التي يحظر الاقتراب منها.
 
وتأثرت الثروة الحيوانية سلباً كذلك جراء امتداد العمران، والأزمة المائية الناتجة عن شح الأمطار، ولا تمتلك سوى ثلاث عائلات للأغنام.
 
واضطر أغلب البدو لبيع أغنامهم بسبب حالة الفاقة المستشرية هناك، كما أن المياه بأنها شحيحة ويضطرون لشرائها بأسعار تصل إلى 12 دولار للكوب الواحد.
 
مساع مستمرة
أما رئيس بلدية بني نعيم رضوان مناصرة، فيقول لوكالة "صفا" :"إن المساعي مستمرة للبحث عن إمكانيات جديدة لتقديم
المساعدات المختلفة للمنطقة".
 
ويضيف " إن الجهود مستمرة وهناك تواصل مع المؤسسات الرسمية كمحافظة الخليل ووزارة الحكم المحلي لمساعدة هؤلاء السكان، بالإضافة إلى بعض المؤسسات الإنسانية كمؤسسة "العمل ضد الجوع" الدولية".
 
وحول أبرز مشاكل المنطقة، حسب مناصرة، فإنها تتمثل بسقوط كميات قليلة من الأمطار للمنطقة، أقل بكثير من المعدل السنوي العام.
 
ويقول: "السكان كانوا يعتمدون على آبار التجميع كمصادر للمياه"، كاشفاً على أن مشروعاً جديداً جرى تأسيسه في المنطقة لضخ المياه، لافتاً إلى أنه خفف كثيراً من المعاناة وحسر حجم أزمة المياه التي تعانيها المنطقة.
 
وحول مساحة المنطقة، يوضح مناصرة أنها تقدر بنحو مئات الآلاف من الدونمات، في وقت يبلغ عدد السكان حوالي ألفي نسمة، أربعين بالمائة منهم من البدو اللاجئين من بئر السبع، نتيجة احتلال أراضيهم وطردهم عنها إبان النكبة.

/ تعليق عبر الفيس بوك

استمرار "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة