يوافق اليوم الأربعاء الذكرى الـ 15 لإطلاق أول صاروخ فلسطيني محلي الصنع تجاه مستوطنة "سديروت"-المقامة على أراضي قرية بيت جرجيا-المحاذية لشمال قطاع غزة.
الصاروخ الذي أطلقته كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس في حينه وأسمته "قسام 1" كان بمثابة بداية عهد سلاح جديد للمقاومة الفلسطينية خاصة في القطاع.
ولم يكن صاروخ "قسام 1" في ذلك الوقت ذو تأثير كبير بسبب المسافة القصيرة التي يقطعها (عدة كيلومترات)، إضافة إلى صغر الرأس الحربي (المادة المتفجرة)، إضافة إلى عدم انتظام مسار إطلاق الصاروخ.
إلا أن المقاومة الفلسطينية أدركت أهمية سلاح الصواريخ في المعادلة مع الاحتلال الإسرائيلي وذلك عقب الردود الإسرائيلية على عمليات القصف التي كانت تنفذها بالصواريخ.
الصاروخ الفلسطيني في بداية مراحله قوبل من جهات لا تؤمن بالمقاومة المسلحة بتشكيك في قدرته وأن ضرره أكبر بكثير من صاروخ "التنك"، كما وصفه البعض، إلا أنه بإصرار المقاومة تحول لتهديد استراتيجي.
البداية
انطلقت الحكاية من القطاع، حيث عكف على صناعته القائدين في كتائب القسام الشهيدين نضال فرحات وتيتو مسعود حيث لم يكن من السهل عليهما إقناع المحيطين بهما بقدرتهما على صناعته، وهما اللذان لم يلتحقا بكلية حربية للصناعات العسكرية، ولم يدرسا علوم صناعة الصواريخ.
وبدأت المراحل الأولى لإنتاجه بالبحث عن الوسائل والمواد المتفجرة التي واجهت الكثير من العقبات والصعوبات تمثلت في عدم توفر المواد ما حدا للاعتماد على الذات في صناعة كافة المواد اللازمة لمتطلبات الصاروخ.
إصرار فرحات ومسعود مكنهما بعد محاولات من البحث والتجريب من الخروج بنسخة أولية من هذا الصاروخ وأطلقوا عليه "قسام 1"-نسبة للشهيد السوري عز الدين القسام الذي دافع عن فلسطين ضد الاحتلال البريطاني واستشهد بجنين.
كما شارك الشهيد القائد في كتائب القسام عدنان الغول-اغتيل في أكتوبر 2004-الذي يعد خبير التصنيع العسكري في الكتائب بعملية تطوير الصاروخ خاصة في زيادة مداه ورأسه الحربي.
وبحسب بيانات القسام فإن أول صاروخ انتجه مهندسوها بلغ طوله 70 سم، وقطره 8 سم، وتراوح مداه بين 2-3 كم، وحمل في مقدمته رأسًا متفجراً يحوي 600 غرام من مادة الـ(TNT) شديدة الانفجار.
الصاروخ افتقد في بداياته دقة التصويب ما شكل حافزًا للاستمرار في تطويره والتخلص من العيوب التي ظهرت فيه، ولم يمضِ وقت طويل حتى أُعلن عن تطويره، وإنتاج طراز جديد منه هو "قسام 2"، بعد تعديلات جذرية أهمها المدى الذي يمكنه من الوصول إلى داخل المستوطنات الإسرائيلية.
وبلغ طول "قسام 2" 180 سم، وزاد مداه ليبلغ ما بين 9-12 كم، وازدادت حمولة رأسه من المتفجرات لتصل 6 كجم من المواد شديدة الانفجار، فيما بلغ قطره 12 سم، حيث باتت تصل إلى مدينة عسقلان المحتلة جنوب الكيان الإسرائيلي.
وفي عام 2004 هدد رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أريئيل شارون في حينه باجتياح شمال قطاع غزة في حال قصفت كتائب القسام مدينة عسقلان، والتي تعد أول مدينة تدخل في مرمى الصواريخ الفلسطينية.
وفي عام 2005 أُعلن عن صاروخ "قسام 3"، حيث وصل طوله قرابة ثلاثة أمتار بمدى يصل 17 كيلو متر.
"غير وجه الشرق الأوسط"
ووصل الأمر ببعض وسائل الإعلام الغربية لأن تعطيه أبعادًا استراتيجية لها علاقة بموازين القوى السائدة، حين وصفته بأنه "الصاروخ البدائي الذي قد يغير وجه الشرق الأوسط".
ولم يطرأ تعديل جذري في طريقة إطلاق الصاروخ إلا بعد 2007 حيث اهتدت المقاومة لطريقة جديدة بإطلاقها من الأنفاق الأرضية، فيما كانت سابقًا تطلق عن سطح الأرض عن حامل ثلاثي الأرجل.
وواصلت المقاومة بصمت عملية تطوير الصواريخ في عدة مسارات لتصل إلى العمق الإسرائيلي رغم التضييق الكبير وعدم توفر المواد الأولية لصناعتها.
ففي حرب 2012 أعلنت كتائب القسام إطلاقها أول صاروخ محلي الصنع تجاه مدينة "تل أبيب"، أسمته M75، حيث لم يعترف الاحتلال في حينه بسقوطه إلا أنه اضطر للاعتراف بعد عدة صواريخ أطلقتها المقاومة بقول مذيع تلفزيون إسرائيلي على الهواء مباشرة "نأسف لقد قصفت تل أبيب".
التأثير الكبير للصواريخ في معادلة الصراع خاصة قصف العمق الإسرائيلي، دفع المقاومة للتركيز كثيرًا على صناعتها محليًا وتطويرها وهذا ما ظهر حيث أطلقت المقاومة نحو 15 صاروخا من طرازي "M75، وفجر 5 (الإيراني) في عدوان 2012، مقارنة مع مئات الصواريخ خلال حرب 2014.
ولم تكتف المقاومة بأعداد الصواريخ حيث واصلت تطويرها، ففي أول أيام حرب 2014 أعلنت كتائب القسام عن باكورة صواريخ جديدة كان أولها صاروخ R160 الذي قصفت فيه لأول مرة مدينة حيفا شمال فلسطين المحتلة على بعد 140 كيلو مترًا من قطاع غزة.
وهناك أيضًا صواريخ أطلقتها سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، نحو وسط الكيان الإسرائيلي ومدينة القدس المحتلة منها براق-70 الذي يقدر الخبراء مداه بأكثر من 70 كلم.
تجاوز القبة الحديدية
ونجحت المقاومة الفلسطينية في تحدي وتجاوز منظومة الدفاع الجوي المتحرك الإسرائيلية، والتي يطلق عليها "القبة الحديدية" بكلفة تصل إلى 210 ملايين دولار، والهادفة لاعتراض الصواريخ قصيرة المدى والقذائف المدفعية.
وتمتعت صواريخ المقاومة بعدة تطويرات على مدى سنواتها الخمسة عشر، والتي من أبرزها زيادة المدى، ودقة التصويب، والقدرة على التخزين والإطلاق من خلال الأنفاق، وأهمها تجاوز القبة الحديدية.
كما أعلنت القسام في الثامن من يوليو 2015 عن صاروخي (شمالة SH) (عطار A) نسبة إلى الشهيدين القائدين محمد أبو شمالة ورائد العطار اللذين اغتالهما الاحتلال عام 2014، لكنها لم تفصح عن مداهما، وقالت إنها تترك للزمن أن يحدد فاعلية هذه الصواريخ وأدائها وكفاءتها.
وأعرب مسؤولون إسرائيليون عن خشيتهم من التطويرات المستمرة للمقاومة، والتي تجري بحسب إعلان الاحتلال بشكل شبه يومي تجارب على صواريخها من ناحية المدى، والكثافة النيرانية، حيث أطلقت المقاومة في إحدى التجارب قبل عدة أشهر ما يزيد عن 30 صاروخًا.
لمتابعة حسابات وكالة الصحافة الفلسطينية "صفا" عبر منصات التواصل الاجتماعي:
تلجرام| http://telegram.me/safaps
تويتر| http://twitter.com/SafaPs
فيسبوك| http://facebook.com/safaps
انستغرام| http://instagram.com/safappa
يوتيوب| http://youtube.com/user/safappa