القدس المحتلة- رنا شمعة -صفا
على مدار السنوات الماضية، يسعى عضو بلدية الاحتلال الإسرائيلي في القدس المحتلة "اريه كينغ" إلى تنفيذ مخططاته التهويدية في مقبرة باب الرحمة الملاصقة للجدار الشرقي للمسجد الأقصى المبارك، والتي كان آخرها رفع قضية بالمحكمة العليا الاسرائيلية لإزالتها، بادعاء أنها "مقبرة غير قانونية". ومقبرة باب الرحمة هي حق مقدس للمسلمين وحدهم، وهي مقبرة إسلامية تاريخية منذ أكثر من 1400عام ، دُفن فيها مئات آلاف المسلمين من بينهم الصحابي الجليل شداد بن أوس وعبادة بن الصامت رضي الله عنهما، ولا يحق التصرف فيها بأي شكل من الأشكال، أو تحويل أجزاء منها إلى "حديقة توراتية". وكانت محكمة الاحتلال أصدرت قبل عدة سنوات قرارًا بمنع الدفن في المنطقة الجنوبية من المقبرة، وذلك ضمن حلقة من مسلسل القرارات الإسرائيلية الهادفة للانقضاض على المسجد الأقصى، والسيطرة المطلقة عليه. ويحاول المتطرف "كينج" من خلال منصبه تنفيذ عدة مشاريع تهويدية في البلدة القديمة ومحيط الأقصى للانقضاض السريع عليه سواء من جهاته الشرقية أو الغربية أو الجنوبية، كما يقول مدير الإعلام في مؤسسة الأقصى للوقف والتراث محمود أبو العطا. [title]وقف إسلامي[/title] ويريد "كينج" من المحكمة العليا الآن تنفيذ قرارها بشأن السيطرة عمليًا على الجزء الجنوبي الشرقي من المقبرة، ومحاولة وضع اليد على مساحة 1800 متر منها كجزء من مخطط تنفيذ "الحديقة التوراتية". ووفق أبو العطا، فإن الاحتلال يمنع المسلمين منذ سنوات من دفن موتاهم في هذا الجزء من المقبرة، ويسعى لتحويله إلى "حديقة توراتية" ملاصقة للأقصى، كما أنه وضع كاميرا في الجهة المقابلة لهذا الجزء لمراقبة أي تحرك. ويؤكد أن المقبرة بكاملها هي وقف إسلامي تاريخي خالص، دُفن فيها العديد من الصحابة والمجاهدين، ونرفض جملةً وتفصيلا السيطرة عليها، أو إزالتها، مبينًا أن الاحتلال يريد بهذه المخططات إحكام سيطرته الكاملة على الأقصى. ولهذه الإجراءات، تبعات خطيرة على أسفل الأقصى، وعلى باب الرحمة، ومنطقة المصلى المرواني، لذا لابد من مواجهة شاملة لكل مخططات "كينج" التي تستهدف الأقصى. حسب أبو العطا. ولحماية المقبرة، يلفت أبو العطا إلى أن دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس تقوم بشكل متواصل بحث المسلمين على الدفن في المقبرة، وهذا ما يجري الآن بالرغم من إجراءات الاحتلال، كما تقوم مؤسسة الأقصى وبشكل دائم بتنظيفها، وإجراء أعمال صيانة بها عبر مشروع الصيانة السنوي الدائم. ويحذر من أي خطوة يتخذها الاحتلال تجاه المقبرة أو أي جزء من الأقصى، منوهًا في الوقت ذاته إلى أن مجموعة من المستوطنات تحاول عدة مرات تأدية طقوس تلمودية داخل المقبرة، ما يشكل انتهاكًا فاضحًا لحرمتها. [title]تداعيات خطيرة[/title] ويقول المختص في شؤون القدس جمال عمرو لوكالة "صفا" إن أطماع الاحتلال بالمقبرة لم تتوقف يومًا، فقبل عدة سنوات وضع نقطة مراقبة في الجزء الجنوبي من المقبرة، ومنع دفن موتى المسلمين، رغم وجود قبور فارغة، كما وضع يده بالكامل على منطقة القصور الأموية المجاورة للمقبرة من الجهة الغربية. ويضيف أن الإسرائيليين تجاوزوا كل الخطوط الحمراء باعتداءاتهم على المقدسات الإسلامية، والتي لم تعد تقتصر على الحجر والبشر، بل طالت أيضًا الأموات. ويصف هذا الإجراء "بالصلف والإرهاب"، قائلًا إن" الاحتلال أصيب بحالة من الهوس والصرع، وأنه بذلك يُسجل جريمة العصر، ويتحدى مشاعر المسلمين، فهو يشعر بأنه فوق القانون الدولي والإنساني، وفوق المحاسبة، ويستطيع فعل ما يشاء دون خوف". ويشير إلى أن الاحتلال بذلك يريد فتح ملفات إضافية لإشغال الفلسطينيين، وخاصة المقدسيين عن جوهر المعركة وهو الأقصى، وذلك لتنفيذ مخططاته فيه، محذرًا في الوقت ذاته من ارتكاب جريمة أو أي حماقة تجاه المقبرة. وينبه عمرو لمخاطر استهداف المقبرة وإزالتها، مما قد يعرض السلم العالمي برمته إلى الخطر، ويُحضر لحرب عالمية على أسس وأصول دينية. وكان عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير رئيس دائرة شؤون القدس أحمد قريع وصف هذا الإجراء بالعدوان الفاضح، والإصرار على تشريع الاستيطان، ونهب الاراضي، وتدنيس المقدسات والمساس حتى بالموتى والشهداء ومقابرهم والعدوان على حرماتها، في سياق حملة محمومة وممنهجة بالتهويد والتوسع الاستيطاني. وأشار إلى أن هذه الأرض المقامة عليها المقبرة هي أرض وقف إسلامي، وهناك دلائل قائمة تثبت صحة ذلك، منها الزاوية الخاتونية وأوراق صادرة عن المحكمة ومستندات تثبت وتؤكد ملكيتها للأوقاف الإسلامية. وأكد بطلان الرواية الإسرائيلية التي تندرج في إطار سرقة الإرث الإسلامي والديني والتاريخي والحضاري في المدينة، داعيًا إلى ضرورة التصدي لهذه الادعاءات والروايات الباطلة والمرفوضة، والتنبه لما يخطط له الاحتلال، قبل أن تبدأ جرافاته بهدم المقبرة وإزالتها.