المدهون: معرض الكتاب كسر للحصار الثقافي

عدَّ وزير الثقافة في الحكومة الفلسطينية بغزة محمد المدهون أن الكتاب بالنسبة للفلسطينيين يمثل عنوان الثقافة والوعي، مشيرًا إلى أنّ تنظيم معرض الكتاب الدولي الأول في غزة يعني أننا "أمة تقرأ وأن شعبنا يتحصن بهذا الكتاب كما يتحصن بالسلاح".

 

وقال المدهون في سياق مقابلة خاصة مع "صفا" الأحد " إننا نتجهز من خلال الثقافة والوعي للمراحل القادمة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، في ظل محاولات الاحتلال لكسب الجيل وتدميره وغزو عقله وفكره وأخلاقه وقيمه".

 

وتستعدُّ وزارة الثقافة في غزة لإقامة معرض فلسطين الأول للكتاب الدولي، بالتعاون مع اتحادي الناشرين العرب والمصريين، بمشاركة 97 دار نشر عربية، وذلك في الفترة ما بين 5-15 أكتوبر الجاري على أرض منتجع الشاليهات بمدينة غزة.

 

لمسات نهائية

وأشار المدهون إلى أنَّ الاستعدادات تجري على قدم وساق، وهي الآن في اللمسات النهائية، لافتًا إلى أننا "حصلنا على كل الموافقات وجرت كل الترتيبات والتنسيقات مع الجهات القائمة والجهات الراعية".

 

وأضاف "نحن في قطاع غزة لم نشهد مثل هذا الحدث الكبير، الذي نرفع من خلاله عنوان (فلسطين تقرأ رغم الحصار)، هذا المعرض شكل من أشكال كسر الحصار الثقافي، سبقه خطوة من خلال وجود هدية مقدمة من اتحاد الناشرين العرب ربع مليون كتاب لتسليمها للمؤسسات".

 

وأكد أن وزارته تتوجه لأن يكون لديها معرض دولي مميز العام القادم تشارك به دور نشر أجنبية، وقال: "الكتاب هو عنوان الثقافة والوعي، لذا حينما نعقد معرضا للكتاب فإننا نقول إننا أمة تقرأ وإن شعبنا يتحصن بهذا الكتاب كما يتحصن بالسلاح".

 

مشاركة عربية

ويشارك في المعرض، حسب المدهون 97 دار نشر عربية ومحلية، جلها عربية، لأن دور النشر المحلية محدودة، بالإضافة إلى مساهمات داخلية محليَّة، وجهات لديها اهتمام بتصدير الكتب، بالإضافة إلى جناح للإصدارات الوطنية، وجناح للكتب الإلكترونية، وثالث للحاسوب.

 

وأشار الوزير إلى أنَّ "الوزارة كانت قادرة على أن تصل إلى مشاركة أكبر من ذلك، لكن عدم معرفة دور النشر العربية أحيانا بأن غزة محاصرة وأنهم لن يكونوا قادرين على الوصول لها، جعلهم يحجمون، لكن حينما علموا أن هناك موافقة وأن الإجراءات جيدة أصبح عندهم استعداد، لكن الوقت كان قد تأخر علينا وعليهم".

 

وبيَّن أنَّ هذا المعرض سيخدم أبناء قطاع غزة بشكل كبير جدا، "فنحن نعلم أنَّ هناك عدد كبير من المكتبات، حينما يودون شراء كميات من الكتب يذهبوا لبلاد بعيدة، لكننا استقدمنا دور النشر عندنا في غزة، وهذا سيفسح المجال لعدد كبير من المكتبات أن تشتري".

 

وتابع "كل مكتبات المدارس ستشتري بواقع 500 شيكل لكل مدرسة ولدينا أكثر من 400 مدرسة، ولدينا المكتبات العامة، مكتبات الجامعات، مكتبات البلديات وغيرها، كلها مقبلة على الشراء، وأيضا الأفراد، لكن الخدمة الحقيقية أننا نعلن من هذا المعرض عن كسر الحصار الثقافي".

 

وعن طبيعة المادة المعروضة، قال: "العناوين متنوعة بشكل كبير، نعم هناك سمت إسلامي لكثير من دور النشر التي ستتواجد، لكن هناك كتب روائية وأدبية وهندسية وطبية وعلوم تطبيقية وإلكترونات وتخصصات أخرى".

 

وتوقع المدهون مشاركة شعبية ومؤسساتية كبيرة جدا، فـ"كل من تواصلنا معهم أبدوا استعدادا، وبعضهم سيشارك في الفعاليات، والبعض سيشرف على فعاليات داخل المعرض، والبعض سيساهم من خلال وجود جناح له ليعرض إصداراته وكتبه".

 

ضمن خطة

وترفع وزارة الثقافة في هذه الفترة عناوين ثلاثة، يبينها المدهون، فكسر الحصار، وتعزيز العمق العربي الثقافي، ويسبق ذلك إنجاز المصالحة الثقافية "التي كنا نود أن نصل فيها إلى شيء من النتيجة".

 

"فالمعرض يأتي في إطار كسر الحصار الثقافي، وتواصلنا مع أكثر من جهة من أجل تعزيز العمق الثقافي العربي، من خلال دورات وبرامج ثقافية مشتركة، واستقدام خبراء ومدربين في مجال المسرح والسينما وبعض القطاعات الأخرى".

 

وأضاف "كل المشهد الثقافي في البلد شريك في كل فعالياتنا، نقدم له كل ما لدينا حتى يساهم معنا في النجاح، نعمل على قاعدة أننا حينما نعمل للعمل الثقافي فإننا نغيب الانتماءات الحزبية ولا تظهر عندنا بشكل أو بآخر، ولكن نود أن نصل لمستوى المصالحة التامة الثقافية على جميع مستويات العمل الثقافي".

 

هجمة فكرية

وفي السياق، أكد وزير الثقافة أنَّ المجتمع الفلسطيني "يتعرض لهجمة تستهدف البنية الشبابية على أكثر من مستوى، أخلاقي وقيمي وثقافي، هناك معلومات أن هناك استهداف مبرمج للشباب، نحن مهمتنا كسب هذا الجيل، والاحتلال يعمل على كسب الجيل".

 

وانتقد المدهون ضحالة العمل الثقافي لدى الناس، فهم، من وجهة نظره، بدءوا يميلون في ظل الإنترنت والفضائيات لأن يأخذ سندويتشات ثقافية، فأصبح حديثهم عن أي قضية (حديث رتوش)، لا يغوص في عمق القضايا ولا يتحدث فيها بعمق.

 

المشكلة الأخرى، هي مسألة تقديم الانتماء الحزبي على الانتماء الوطني، "الضحالة الثقافية تؤدي إلى هذه النتيجة، لكن بعض الناس يعي لكن لا يريد أن يخالف تياره، ويريد أن يبقي دائما يردد ما يسمع وفقط".

 

وفي هذا الإطار، يبقى جهد وزارة الثقافة، حسب المدهون، منصب على صناعة الوعي الشبابي، "نصنع المثقف، نوفر بيئة للثقافة، وأن تكون هذه الثقافة ثقافة قيمية تحافظ على الجيل".

 

المرأة والطفل

المرأة والطفل جزء أساس من خطة الوزارة، رغم أن وزيرها يرفض مصطلح "أن كل شيء نريد أن نتحدث فيه عن المرأة"، "لأننا عندما نعمل أي عمل نعمله للرجل والمرأة".

 

معرض الكتاب مثلا للرجل والمرأة، جائزة الإبداع الشبابي للرجل والمرأة، كل العمل الثقافي لكل المجتمع بكل أركانه، والمرأة هي نصف المجتمع، هي موجودة في كل هذه القطاعات، دون تفريق مصطنع".

 

وبالرغم من ذك، فإن كثيرا من فعاليات الوزارة خاصة بالمرأة دون الرجل، وللطفل أكثر من برنامج تنفذه الوزارة، وفي مقدمتها مهرجان إبداعات الطفولة، وهو مهرجان ضخم جدا سيعقد في نوفمبر، هدفه الاطلاع على الإبداعات الموجودة لدى الأطفال، وغير ذلك كثير، حسب الوزير.

 

"ثورة صنعها الوعي، نحن سبقنا الآخرين بها".. بهذه العبارة رد المدهون على سؤال عن اللحظة التي سيشهد فيها القطاع ثورة ثقافية شاملة.

 

واستدرك "بالعكس، إن الشعب الفلسطيني كان مصدر إلهام للثورات كلها، وعنوان في العالم كله لحالة الصمود والثقافة، كما أن حالة التعليم والثقافة عندنا حالة متقدمة جدا ونحن نعتز بها، نحن أقل المجتمعات في العالم أمية".

 

وختم بالقول: "واقعنا هو واقع مبشر بخير، خاصة في ظل حالة التغيير المحيطة بنا، لكننا نريد أن نعمق هذا الخير وأن يكون له رصيد في الوعي والثقافة".

/ تعليق عبر الفيس بوك