بين الغضب والسخرية

الشارع الفلسطيني ينبذ لقاءات التطبيع

الضفة الغربية - خـاص صفا

صب الشارع الفلسطيني جام غضبه على مسؤولين وشخصيات رسمية فلسطينية، شاركت قبل أيام بلقاءات تطبيعية مع جهات سياسية وإعلامية إسرائيلية في تل أبيب ورام الله.

وكشفت ردة فعل الشارع على هذه اللقاءات عن حالة الانفصال ما بين الشعب الفلسطيني من جهة، وبعض المسؤولين في منظمة التحرير والسلطة من جهة أخرى.

وبعيدًا عن مواقف الفصائل والمؤسسات المناهضة للتطبيع، رد الشارع الفلسطيني بقوة على المطبعين، ووجه لهم انتقادات لاذعة، تراوحت ما بين التأنيب، والتوبيخ، والسخرية الجارحة أحيانًا.

ووضعت الردود الغاضبة الشخصيات المشاركة بتلك اللقاءات في موقع الدفاع عن أنفسها، واضطر بعضهم للخروج بتصريحات تبرر مشاركتهم، وأخرى تحاول الاستظلال بمظلة منظمة التحرير وقيادتها.

ولجأ رئيس بلدية عنبتا بمحافظة طولكرم حمد الله حمد الله لإبداء رغبته بالاستقالة بعد زيادة الضغوط والانتقادات من أهالي بلدته ضده، على إثر مشاركته بلقاء تل أبيب.

وفي تعقيبه على لقاء قاضي القضاة محمود الهباش بصحفيين إسرائيليين في أحد مطاعم رام الله، قال سائق التاكسي ربحي عواد: "هؤلاء القوم فقدوا الأهلية والعقل والشرف"، وعلى حد قوله.

وأضاف "يجب أن يُرفع الغطاء عنهم، وأظن أن يومهم بات قريبًا".

وكان لافتا أن الهجوم على المطبعين جاء من مختلف ألوان الطيف الفلسطيني، بمن فيهم أنصار حركة فتح التي ينتمي لها غالبية المشاركين باللقاءات.

وقال الأسير المحرر ياسر رمضان لوكالة "صفا": "أمضيت عشر سنوات من عمري في سجون الاحتلال، ولا يشرفني أن يمثلني أمثال هؤلاء".

ولفت بعض المتابعين إلى أن هؤلاء المطبعين لم يتحركوا من تلقاء أنفسهم، بل يأتمرون بأوامر وتوجيهات من أعلى المستويات في السلطة.

"إنزال خلف خطوط العدو"

ونال وصف أحد المطبعين لما يقومون به بأنه أحد أشكال العمل الفدائي، حظًا كبيرًا من سخرية المعلقين.

ورد بعضهم ساخرًا من ذلك الوصف بأن عملهم يمثل في العُرف العسكري "إنزالًا خلف خطوط العدو".

فيما قال الناشط يحيى عمرو من الخليل: "إذا كان تطبيعهم عملا فدائيا، فعلينا أن نعتذر لأعضاء روابط القرى الذين لم يكن عملهم في السبعينات يختلف عن هؤلاء".

ورفض الطالب بجامعة القدس المفتوحة لبيب واصف تبرير المطبعين بأن مثل هذه اللقاءات مفيدة لمواجهة صفقة القرن، قائلا: "وداوني بالتي كانت هي الداء".

"تناقض الهباش"

وأشار كثيرون إلى التناقض الذي وقع فيه الهباش، حيث جاء لقاؤه بعد أيام قليلة من هجومه على لقاء رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان برئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أوغندا.

وتساءل المحامي نائل الحزام من نابلس إن كان الهباش صلى ركعتي استخارة قبل لقائه بالإسرائيليين، كما فعل البرهان قبل لقائه نتنياهو؟

واعتبر أبو أكرم، وهو إمام أحد مساجد مدينة جنين، أن المستفيد من هذه اللقاءات غير المجدية، هم المطبعون العرب.

وقال لوكالة "صفا": "المطبعون العرب يستخدمون المطبعين الفلسطينيين وسيلة لتبرير تطبيعهم، ويقولون: إذا كان الفلسطينيون أنفسهم- وهم أصحاب القضية- يطبعون مع من يحتل أرضهم، فلا تلومونا إذا طبعنا نحن".

ولم تقتصر الانتقادات على المشاركين باللقاءات، بل نال نصيب وافر منها كل من دافع عنهم، من أقارب أو أصدقاء أو مرؤوسين أو منتفعين، والذين يصفهم الشارع عادة بـ"المسحجين".

جدوى التطبيع

وأعاد كثيرون طرح تساؤلات قديمة ومتكررة حول جدوى استمرار عمل لجنة التواصل مع المجتمع الاسرائيلي التي يترأسها عضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمد المدني، والتي نظمت هذه اللقاءات ولقاءات تطبيعية عديدة سابقا.

وقالت المعلمة رويدة نافع لوكالة "صفا" إن هذا التواصل "مخزٍ ومهين"، متسائلة: "ما الفائدة من هذا التواصل، وماذا جنينا من عمل هذه اللجنة طوال السنوات الماضية؟".

أما عامل المطعم أيمن عادل فيعتقد أنه من غير المجدي توجيه النصح لهؤلاء المطبعين.

وأضاف "فقط ضغط شعبي عارم يمكنه تغيير الواقع، ولو كان للنصح وقعٌ لاستقالت كل طبقتهم بعد صفعة القرن، بدلا من خروجهم بصورة الصامدين".

ورأى المدون محمد أبو علان أن أحد عوامل إعادة الهيبة لمنظمة التحرير هو حلّ لجنة التواصل، كونها تعبر عن حالة وهن سياسي.

وعدّ بقاء لجنة التواصل دليلا قاطعا على أن الرأي العام الفلسطيني يساوي صفرًا لدى أصحاب القرار الفلسطيني.

/ تعليق عبر الفيس بوك