web site counter

جثامين ضحايا الهجرة ترقد بمقابر الغربة.. بعد عجز الأهل ومبررات السلطة

صورة أرشيفية لمواراة أحد شهداء الغربة
غزة - خـاص صفا

بينما كان الشغل الشاغل لمحمود الشاعر عندما هاجر من غزة إلى أوروبا أن يجد مصدر دخل يستطيع من خلاله توفير تكاليف علاج شقيقه المعاق، أصيب ذووه بالصدمة بعدما سقط شهيدًا لغربته وهو يبحث عن تلك اللقمة، ليكابدوا المعاناة من أجل إحضار جثمانه ليُدفن في مسقط رأسه حيث قطاع غزة.

الموت اختطف محمود من سكان مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، بعد "أن أكل العُشب وشرب الماء الملوث خلال 45 يومًا من الهجرة في الغابات".

العائلة التي توفي ابنها خريج كلية الهندسة في 32 يناير الجاري في بلجيكا بعد رحلة سفر طويلة واجه فيها الموت ليصل إلى أوروبا، رفعت كسابقاتها مناشدات للسلطة الفلسطينية ممثلة بالرئيس محمود عباس بأن يتكفل بإرجاع جثمان ابنها.

وبعد أسابيع من المناشدة، يقول عمه إبراهيم الشاعر لوكالة "صفا": "السفارة الفلسطينية ساهمت بجزء من تكاليف نقله بواقع 1500 يورو من أصل نحو 7  ألاف يورو، ونحن تكفلنا بالباقي، واعتذروا أنه لا يوجد لديهم ميزانية تغطي هكذا مبلغ".

ويضيف "لا نزال نتابع محاولات إجراءات نقله ونأمل من الله أن يعود إلينا لنلقي عليه النظرة الأخيرة".

نهاية واحدة

وفي الوقت الذي تحاول فيه هذه العائلة استعادة جثمان ابنها، فقدت عائلات أخرى ممن توفي أبناؤهم في الغربة أي أملٍ في استعادة جثامينهم بعد موتهم، بعدما لم تستجب الجهات الرسمية لمناشداتهم بنقلهم، وهو ما حدث مع ذوي شهيد الهجرة محمود عوض الله من سكان دير البلح وسط قطاع غزة، والذي توفي العام المنصرم في البحر أثناء محاولته الوصول إلى اليونان.

وقالت والدته لوكالة "صفا": " تم دفن ابني في مقابر المسلمين باليونان، لأننا ناشدنا الجهات الرسمية أن تتكفل بنقله ومضى وقت طويل دون استجابة".

وأضافت "إكرام الميت دفنه والوقت طال وقلوبنا ملّت من الانتظار، لهذا وافقنا على دفنه في اليونان في مقابر المسلمين، والله يرحمه".

هذه النهاية هي لسان حال معظم من استشهدوا في الغربة من الشباب الذين هاجروا من قطاع غزة هربًا من الأوضاع الصعبة، وضاقت بهم سبل إيجاد مصدر دخل أو لقمة عيش سواء أكانوا خريجين أم لا، واضطر أهاليهم للموافقة على دفنهم في مقابر إسلامية بالدولة التي استشهدوا فيها.

ولا توجد إحصائية دقيقة لعدد ضحايا الهجرة من شباب قطاع غزة لدى الجهات الرسمية، إلا أن الأعداد كانت في تزايد خلال الفترة الماضية بسبب خطورة الطرق التي يسلكونها هربًا من تغريمهم من الدول التي هاجروا إليها، ليدفعوا في سبيل ذلك أعمارهم موتًا في البحر أو في الغابات.

ولم تتكفل سفارات فلسطين في البلدان التي استشهد فيها شبان الهجرة من غزة بنقل جثامين معظمهم، إلا حالات نادرة، كما يُقرّ مسئول الرعاية القنصلية في وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية.

"عملية شحن مكلفة"

ويقول محمد شقورة في حديث خاص مع وكالة "صفا": "هناك حالات استثنائية خاصة نتكفل بها عبر تأشيرة من الرئيس محمود عباس، أما نحن فلا نستطيع أن ننقل جثمان كل شخص يتوفى خارج الوطن".

ويبرر ذلك بـأن "هذه عملية شحن كاملة مكلّفة للغاية، فنقل الجثمان من أي دولة أوروبية إلى فلسطين يكلّف ما بين 5 ألاف حتى 7 ألاف يورو، ويلزم لذلك أوراق وإجراءات".

وتابع "نصف الشعب بغزة مهاجر، هل هذا معناه أن نعتمد في الوزارة أو السفارات آلية للهجرة أم ماذا، نحن نتكفل بحالات نادرة والأمر استثنائي، وذلك حسب وضع الحالة أو حالة أسرته المادية".

ويشير إلى أنه ومن أجل ذلك يتم دفن معظم الحالات في أوروبا، وهذا أيضًا تصل تكلفته إلى ألفي يورو، من أجل إجراء مراسم دفن وتشريح وتحنيط وتكفين وما شابه.

وإلى جانب المبررات السابقة التي ساقها شقورة،  يضيف إليها "بعد المقابر الإسلامية والمسافات التي يتم قطعها من أجل إيصال الجثة إليها، حيث تبعد مثلاً المقبرة الإسلامية لدفن الحالات التي تتوفى في اليونان وهي الأكثر التي شهدت حالات وفاة حوالي 800 كيلو".

في النهاية، يعتبر المسئول بالخارجية أن الأموال التي تدفعها السفارات في إجراءات دفن شهداء الغربة في أوروبا ليست بتعليمات معينة، وإما يتم التعامل معها كحالات إنسانية.

/ تعليق عبر الفيس بوك

تابعنا على تلجرام