صحيفة إسبانية: تراجع الهيمنة الأميركية مع تزايد نفوذ الصين وروسيا

واشنطن

يقول الكاتب دييغو هيرانز إنه منذ وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، فقد أخذ نفوذ بلاده بالتراجع على الساحة الدولية، مقابل تزايد نفوذ روسيا والصين وصعود قوى أخرى ناشئة.

ويضيف في مقال نشرته صحيفة "بوبليكو" الإسبانية أنه رغم محافظة الولايات المتحدة على هيمنتها الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية، فإن نفوذها قد تراجع.

ويشير هيرانز إلى أن دولا عظمى استفادت من هذا التراجع الأميركي، مثل الصين التي بنت قوة اقتصادية، وروسيا التي تبنت سياسة خارجية عدوانية، بينما غرقت أوروبا في حالة من عدم اليقين، وتمكنت دول ناشئة مثل البرازيل وتركيا من تعزيز مكانتها كقوى إقليمية.

ويقول إن النظام العالمي في طريقه إلى التحول، خاصة فيما يتعلق بالمعركة من أجل الهيمنة على الساحة الدولية.

قوى عالمية

ويشير هيرانز إلى أن الولايات المتحدة فقدت وزنها أمام العديد من الدول الناشئة الأكثر شهرة، التي أصبحت قوى متوسطة ذات تأثير نسبي، ويرى أن الأزمة المالية لعام 2008 شكلت الحافز الأول لخلق هذه التغييرات في النظام العالمي الدولي خلال العقد الأخير.

ويضيف أن ظهور القوى العالمية -مثل روسيا والصين- وتمركزها كجهات فاعلة رئيسية، كان نتيجة لتحولها إلى قوى نووية وانتمائها إلى مجموعة "بريكس"، وهي مجموعة الدول صاحبة أسرع نمو اقتصادي بالعالم وأصبحت تشكك في القيادة العالمية للدول الصناعية.

ويوضح الكاتب أن روسيا والصين تمكنتا من افتكاك جزء من هيمنة الولايات المتحدة، مما يعني أن واشنطن فقدت صفة "القوة الاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية بلا منازع"، وهي الميزة التي ساعدتها على معالجة الاضطرابات المالية التي شهدها العالم عام 2008.

ويقول إنه في ظل خسارة الولايات المتحدة لوزنها وثقلها العالمي، فإن الطاولة الجيوسياسية العالمية تشهد عملية إعادة خلط الأوراق والحسابات، وذلك في إطار البحث عن حاكم جديد للعالم.

تراجع أميركي

ويشير هيرانز إلى أن تراجع الهيمنة الأميركية تزامن مع اعتلاء الرئيس الأميركي باراك أوباما سدة الحكم، وأن الانتكاسة ازدادت حدة خلال فترة الرئيس الحالي دونالد ترامب.

ويرى أن الصين وروسيا أثبتتا للعالم أنهما تمثلان قوى العالم المستقبلية التي يمكن أن تتحكم فيه، وأثبتتا قوتيهما في المناطق الخاضعة لنفوذيهما، وأنهما عمدتا إلى نشر هيمنتهما نحو الشرق الأوسط وأميركا اللاتينية حيث كانت الولايات المتحدة تتمتع تاريخيا بمكانة مرموقة بلا منازع.

ويشير الكاتب إلى أن سياسة ترامب القائمة على خدمة مصالحه أولا وشن حرب تجارية لا تشمل الصين فقط، بل تقتحم حلفاء بلاده التقليديين وجيرانها الشماليين والجنوبيين وأوروبا، أدت إلى تقلص غير مسبوق في نفوذ الولايات المتحدة في النظام العالمي، لم يحدث له مثيل منذ نهاية الحرب الباردة، وذلك رغم الزيادة المذهلة في الميزانية العسكرية.

ويستدرك بأنه يمكن للولايات المتحدة استعادة مكانتها في النظام العالمي إذا تخلت عن الانعزال الدولي، وعن الركود في الساحة السياسية الخارجية، وعن الانقسامات الاجتماعية التي كرسها ترامب.

تراجع أوروبي

ويشير هيرانز إلى أن الصين لا تترك أي فرصة لإظهار تحولها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وأن روسيا في عهد الرئيس فلاديمير بوتين تسعى لكي تكون القوة المهيمنة في العالم، وأن هناك دولا أخرى بصدد الصعود مثل البرازيل وتركيا.

ويستدرك بأن هناك قوى أخرى تتراجع كما هو الحال مع أوروبا، خاصة بعد الفشل المتكرر في التوصل إلى إصلاح اليورو الذي يمكن أن يكون قادرا على تقليل المخاطر التي تواجه المنطقة.

ويشير الكاتب إلى أنه من المرجح أن تتفاقم التوترات الروسية عام 2019، في ظل صراعها مع أوكرانيا ومصلحتها في تشكيل طوق أمني في بحر البلطيق ضد حلف شمال الأطلسي.

ويختتم بأن دولا أخرى قد تعود إلى الواجهة، مشيرا إلى رغبة ألمانيا وفرنسا في إنشاء جيش أوروبي، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة في النفقات العسكرية لدول الاتحاد الأوروبي.

/ تعليق عبر الفيس بوك