قال مستشار الرئيس الراحل ياسر عرفات بسام أبو شريف إن مصلحة الذين قد يتهمون بالتغطية على جريمة اغتيال عرفات هو الصمت عليها وعدم إثارتها.
وأضاف أبو شريف في حديث مع صحيفة "فلسطين" المحلية نشر اليوم عن "عدم إثارة موضوع الاغتيال من البداية يهدف لتنويم القضية، كي لا تظهر الحقيقية، وإن فتحت القضية بعد عدة سنوات يكون الرد الشعبي باهتًا".
وأوضح "أن الاغتيال جاء في توقيت اقتناع عرفات أن إسرائيل لا تريد التسوية ولا تبحث عنها، وغير مستعدة لتطبيق الاتفاقية الموقعة التي لم تعجب قيادة السلطة حينها، ونقلت إليه أكثر من رسالة من إسرائيل بأنها لن تسمح لأي حكومة فلسطينية اقامة دولة".
وكشف مستشار الرئيس عرفات عن اجتماع جمع كلًا من رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي الأسبق أرئيل شارون، ووزير جيشه آنذاك شاؤول موفاز، برئيس الوزراء الفلسطيني حينها محمود عباس والقيادي في فتح محمد دحلان ووصله محضر الاجتماع وأبلغ الرئيس بتفاصيله.
وبين أبو شريف أن شارون وعد المجتمعين معه بأنهم إن جاؤوا بشخص يضمن لهم عدم تنفيذ أي عملية فدائية ضد الاحتلال فإنه مستعد للجلوس وتقديم تفاهمات "محزنة" بالنسبة ل"إسرائيل".
وأضاف "سبق لي أن قلت شفهيًا وكتبت بخط اليد رسالة لعرفات بأن تحليلي لما يفعله الاحتلال بنيته تصفيته جسديًا وهذه الرسالة كتبتها قبل أن يدس السم".
وأشار أبو شريف إلى أنه "كتب رسالة ثانية لعرفات بعد تصريح شارون خلال لقاء عقده مع الرئيس الأمريكي السابق الابن جورج بوش وعد الأخير فيه بعدم المساس جسديًا بعرفات".
وتابع "وصلت بعدها إلى النقطة التي رجحت فيها، أن يستخدم شارون طرق وأساليب في تصفية عرفات بحيث لا تشير إلى ضلوع إسرائيل فيها".
وأوضح أنه كتب رسالة أخرى لأبو عمار بعد لقاء شارون وبوش، أخبره فيها بنيتهم تصفيته بدس السم له، فعمم أبو عمار الرسالة على كل القيادات الفلسطينية ووضع علامة بالقلم الأسود تحت الجمل المهمة.
وأضاف أبو شريف "دعوته ورجوته ألا يأكل من مطبخه، وألا يأخذ دواءً ولا ماءً من أحد وتطوعت وعائلتي أن نكون من يطعمه ويشربه الماء ويعطيه الدواء".
وقال مستشار عرفات "علقت بعض قيادات السلطة على رسالتي السابقة ومنهم عباس بقوله: "لا أثق ببسام وتقاريره"، وبعد ذلك تأكدت من زيارة أخرى لشارون التقى فيها بوش بأنه حرضه على عرفات وأنه يقود "الإرهاب" ويجب التخلص منه، وعلمت فيما بعد أن بوش صمت خلال الاجتماع الذي لم يرشح عنه شيء حينها، وهز رأسه بمعنى الموافقة على التخلص من عرفات".
بوش المسؤول الأول
واتهم أبو شريف خلال حديثه بوش بأنه المسؤول الأول الذي أعطى الضوء الأخضر لشارون ومنهم موفاز للعمل على تصفية عرفات، ودرس المخطط دراسة جيدة من مسؤول جهاز "الشاباك".
وكشف أبو شريف عن إغلاق مكتبه بشكل فوري (في اليوم الأول لاغتيال أبو عمار) وبقرار من عباس فور تسلمه رئاسة السلطة خلفًا لعرفات.
وأكد أبو شريف أنه لا توجد أي عملية اغتيال " ترتكبها "إسرائيل" لاغتيال قيادي فلسطيني إلا وكان هناك عميلًا ما سهل لهم هذه العملية.
وأضاف "نجحت إسرائيل لكن الغزي والعار لمن يتعاون معها من أبناء الأمة العربية الذين لولاهم لما كانت أن تقوم بعملية واحدة ناجحة إلا من خلال القصف بالطائرات".
ولفت إلى أنه سيصدر قريبًا كتابًا اسمه "السمك المالح" يحلل فيه وفق معلومات دقيقة كل عملية من عمليات الاغتيال.
وتابع "مضت سنوات والكل يقول إن كلامي حول تسميم عرفات غير صحيح، رغم أنني عقدت مؤتمرات صحفية، وتوجهت إلى الرئيس الفرنسي جاك شيراك وتوفي طبيب عرفات الذي كان متأكدا أنه دس له السم بظروف فجائية".
وأشار إلى أن السلطة بعد سنوات من اغتيال عرفات وتحقيق أجرته قناة "الجزيرة" عام 2012 حول استخدام مادة "ألبولونيوم" في تصفية عرفات، موافقة السلطة على اخراج عظام عرفات لفحصها من السم.
نوع السم
وأبدى أبو شريف المتخصص في الكيمياء سخريته من ذلك قائلًا "إن هذه المواد يمكن معرفة عمرها الزمني ببساطة، وكان البولونيوم كذبة كبيرة، ووصلني اسم السم الحقيقي من صديق في أمريكا وهو "ثاليوم" وهو سم لا طعم ولا لون ولا رائحة له، يمكن دسه بالماء والأكل وأي شيء، دون شعور الشخص به يدخل لخلايا المذاق في نهاية اللسان، ويبدأ بتحطيم الجسم وكراته الحمراء ويصل للدماغ للقضاء على الانسان".
ويعتبر الثاليوم نفس الترياق الذي استخدمه الاحتلال في محاولة اغتيال رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس خالد مشعل، وفي اغتيال القيادي في حركة حماس محمود المبحوح في دبي، بحسب أبو شريف
ويعتقد أبو شريف أن اثارة نوع سم "البولونيوم" كان خدعة كبيرة لحرف أي تحقيق للوصول للنتيجة الحقيقية، مؤكدًا أن سم "ثاليوم" هو من انتاج مركز الأبحاث البيولوجية الإسرائيلية.
وتدهورت الحالة الصحية للرئيس الفلسطيني عرفات تدهورًا سريعًا في نهاية تشرين الأول/أكتوبر 2004، قامت على إثره طائرة مروحية بنقله إلى الأردن ومن ثمة أقلته طائرة أخرى إلى مستشفى بيرسي في فرنسا في 29 أكتوبر 2004، وتم الإعلان الرسمي عن وفاته من قبل السلطة الفلسطينية في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2004. وقد دفن في مبنى المقاطعة في مدينة رام الله.