استشهد متأثرًا بإصابته برصاص الاحتلال

"ساري".. صارع الشلل وأعطى والده الأمل ثم رحل

غزة - فضل مطر- صفا

لن تغيب تلك اللحظات القاسية عن ذهن الطبيب داود الشوبكي، وهو يلّقن نجله ساري الشهادتين داخل مشفى "مار يوسف" بمدينة القدس المحتلة؛ بعد أن فقد الأمل في جميع المحاولات الطبية لإنقاذ حياته، ليلفظ ولده أنفاسه الأخيرة في حضنه بعد نحو شهرين من إصابته.

وأدت الإصابة الخطيرة التي تعرض لها الشهيد ساري في رقبته جراء رصاصة تلقاها من قناص إسرائيلي خلال مشاركته في مسيرات العودة شرقي مدينة غزة، لإصابته بشلل رباعي؛ ما استدعى تحويله للعلاج في مشفى بمدينة القدس المحتلة.

ويروى الطبيب الشوبكي لمراسل وكالة "صفا" تفاصيل الرحلة العلاجية الممزوجة بالألم كما يقول، والتي رافق بها نجله الشهيد ساري (22 عامًا) منذ 25 مايو الماضي.

بداية المعاناة

وحاول الطبيب الشوبكي منذ إصابة نجله في 15 مايو الماضي التشبث بالأمل، وبذل المستحيل من أجل الحفاظ على حياة ابنه، ورافقه إلى المستشفى بمدينة القدس ليكون مرافقه وطبيبه في نفس الوقت.

وبحسب الشوبكي فإن إصابة نجله بالشلل الرباعي أدى لصعوبة في التنفس، كما تأثر النخاع الشوكي، بحسب التقارير الطبية الصادرة عن مشفى الشفاء بغزة.

ويقول: "بعد تحويلنا من الشفاء إلى مار يوسف مكثنا به 10 أيام؛ ثم أبلغنا الأطباء هناك باستحالة علاجه وضرورة مغادرة المشفى إلى القطاع فورًا قبيل عيد الفطر الماضي".

لكنّ والد الشهيد الشوبكي رفض ذلك بشدّة، قائلاً "كيف ذلك.. سأعدم ولدي بيدي إن وافقت. لا يتوفّر العلاج بمشافي غزة".

ودخل الطبيب الشوبكي بدوامة صراع داخلي كما يقول؛ لكنّه أصرّ أن يبقى بالمشفى محاولاً تقديم محاولات إنعاشية لابنه بحكم عمله في الطب، وتواصله مع أطباء آخرين.

ويضيف "طيلة شهر كامل قدّمت لولدي عمليات تأهيلٍ لجسده بحكم إصابته بالشلل الرباعي. حدثت معي عدة كرامات من ربي، واستشعرت حينها أنه بالإمكان علاج ساري".

ويتابع والدموع على وجنتيه "كان يتواصل معي برمش العين ثم باللسان وتحسنت صحته تدريجًا، وبدأ بقراءة صفحتين من القرآن ثم أربع ثم عشر صفحات. لو ربنا ما بحب ابني ما أعطاه الفرصة لقراءة القرآن".

اتهام بالتقصير

ويتهم الشوبكي إدارة المشفى الذي كان يتعالج فيه نجله في القدس بالتقصير، "إذ كان بإمكانهم إصدار تحويلة له للعلاج بمشافي إسرائيل، في حال لم يتوفّر العلاج لديهم".

ويضيف "اللّي حسّن حاسة الشم لولدي وهو بالشلل الرباعي قادر على علاجه. اللي خلاه يحكي ممكن يقدر يعالجه. تحرّكت عضلات بطنه وعضلة الفخذ، اللي عمل هيك قادر يخليه يمشي على رجليه بعد بيوم".

وعن اللحظات الأخيرة له مع ولده يقول: "لقنت ولدي الشهادة في آخر أنفاسه، وقلت له: يا بابا تمنالي شهادة مثلك. إنت مش خسارة بربي، ذهبت لمن هو أرحم بك مني".

"إشهار الشهيد"

كانت أمنية الوالد المكلوم أن يرى ابنه عريسًا محمولًا على أكتاف رفاقه في حييه، لكنه يقول: "إن ربي عمل له فرحًا بالجنة مع الحور العين بإذن الله".

ويضيف بفخر أثناء استقباله مواسين باستشهاد نجله "اليوم هو إشهار ولدي من الدنيا إلى الجنة؛ لأن شهادته فخر لي ولعائلتي".

وأُعلن صباح الثلاثاء الماضي (17 يوليو) عن استشهاد الشاب الشوبكي، وهو من حي الدرج بمدينة غزة، متأثرًا بإصابته برصاص الاحتلال أثناء مشاركته في "مليونية العودة" بتاريخ 14 مايو الماضي، وباستشهاده ارتفع عدد شهداء مسيرات العودة إلى 142، فيما زاد عدد الجرحى عن 16 ألفًا.

/ تعليق عبر الفيس بوك

استمرار "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة