دعا خبراء ومختصون اقتصاديون الحكومة الفلسطينية إلى توحيد القانون الضريبي والموازنة العامة في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، ومراعاة الظروف الاقتصادية للقطاع، مطالبين بتطبيق استراتيجية وطنية لمحاربة الفساد.
وشدد هؤلاء- خلال ورشة عمل نظمتها الكلية الجامعية بغزة اليوم الاثنين حول "المصالحة الفلسطينية وأثرها على واقع الضريبة في قطاع غزة"- على ضرورة تحسين جودة التشريع الضريبي، وتطبيق قانون ضريبة الدخل رقم 8 لعام 2011 وتعديلاته على القطاع بدءا من العام المالي 2018.
وشارك في ورشة العمل نخبة من الخبراء والمختصين الاقتصاديين ورجال المال والأعمال، وطلبة من تخصص المحاسبة والأعمال الإدارية بالكلية الجامعية.
وأكد المختصون ضرورة العمل على اغلاق الملفات الضريبية وتسوية المستحقات على الشركات خلال فترة الانقسام، وتشجيع الشركات وتحفيزها على تسوية واغلاق ملفاتها، وتوحيد الاجراءات الخاصة بالتقدير الضريبي والتحصيل حسب القانون.
وطالبوا بإعادة النظر في ضريبة القيمة المضافة واتفاقية باريس الاقتصادية والعمل على وضع قانون لهذه الضريبة بما يراعي المؤشرات الاقتصادية في فلسطين ومستوى المعيشة وإعفاء بعض السلع والخدمات.
ودعوا إلى العمل على تسديد كافة المتأخرات المتراكمة على الحكومة لصاح الموظفين والقطاع الخاص، ومشاركة القطاع الخاص في اتخاذ القرارات المتعلقة بالضرائب والرسوم المختلفة، والتواصل مع الجمهور في مجال التوعية بالواجبات والحقوق المالية، وتوضيح الإجراءات المتعلقة بالتطورات في مجال الضرائب والرسوم المختلفة، وتفعيل دور المجلس التشريعي في مجال الرقابة على الموازنة العامة والمساءلة، وإعطاء أولوية لتقارير ديوان الرقابة المالية وتنفيذ ما جاء فيها من توصيات
توحيد الموازنة
وطالب مدير عام التخطيط في وزارة الاقتصاد أسامة نوفل بضرورة توحيد الموازنة العامة، ومراعاة الظروف الاقتصادية للمواطنين في قطاع غزة.
واستعرض نوفل مراحل تطور الموازنة العامة في قطاع غزة، مبينا أنها مرت في مرحلتين أساسيتين كانت الأولى منها في وجود الحكومة المقالة في الفترة ما بين 2007-2014، والثانية في مرحلة حكومة التوافق الوطني ما بين 2014-2017 قبل المصالحة الوطنية الحالية.
وأشار إلى أن المرحلة الأولى اتسمت بعدم وضوح الرؤية المالية لقطاع غزة، ووجود موازنتين لحكومتين في أراضي السلطة الفلسطينية، وعدم وجود دراسات تحليلية عن الموضوع.
وأكد نوفل أن العام 2014 يعتبر الأسوأ من حيث البيانات المالية بسبب إغلاق الانفاق والعدوان الأخير على القطاع، إضافة إلى ازدواجية في تحصيل الضرائب والرسوم، وغياب النفقات التطويرية على قطاع غزة.
ولفت إلى أن حكومة غزة السابقة وضعت خطة مالية لتحسين الايرادات وتخفيض النفقات من خلال زيادة الشرائح لإدخالها في المنظومة الضريبية، إضافة إلى التعلية الجمركية، وتخفيض النفقات التشغيلية والرأسمالية إلى الحد الأدنى، ما ساهم في تحسين الإيرادات العامة.
المواطن يدفع الثمن
أما مدير العلاقات العامة بالغرفة التجارية ماهر الطباع فقال إن المواطن الفلسطيني في غزة هو الأكثر حماسة لإتمام المصالحة للخروج من عديد الأزمات التي يعاني منها منذ ما يزيد عن 11 عاما.
واستعرض الطباع الارتفاع الضخم لمعدلات البطالة وكذلك ارتفاع معدلات الفقر والفقر المدقع ووجود الاف المواطنين بلا مأوى بفعل الحروب المختلفة التي واجهها القطاع، فضلا عن أزمة الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي والاغلاق المستمر للمعابر الحدودية والنقص الكبير في الوقود والعلاج.
وأفاد بأن المسئولين في الضفة الغربية وقطاع غزة خلال سنوات الانقسام كانوا في سباق محموم لإصدار القوانين التي تطبق في كل منطقة على حدة، مما أرهق المواطن الفلسطيني في القطاع واستنزف إمكاناته المالية وأثر بشكل سلبي على الاقتصاد الفلسطيني بغزة.
من جانبه تحدث الخبير الاقتصادي محمد العشي عن أبرز القرارات والتشريعات المتعلقة بالعمل الضريبي التي فرضتها حكومتا الضفة الغربية وقطاع غزة خلال سنوات الانقسام، والتي في مجملها أثرت بشكل سلبي على المواطن بغزة.
وأشار العشي إلى أن المواطن في الضفة الغربية يتمتع بمجموعة من الإعفاءات الضريبية أو قلة النسبة المفروضة سواء فيما يتعلق بضريبة الدخل أو الضريبة المضافة أو الاعفاءات المجتمعية.
ازدواجية الضريبة
واستعرض المدرس في قسم العلوم الإدارية والمالية بالكلية الجامعية شادي أبو شنب ملامح الواقع الحالي للتطبيق الضريبي في قطاع غزة، حيث ارتفع قانون ضريبة الدخل في القطاع مقارنة بالمطبق في الضفة الغربية، وقيام الشركات الكبرى بدفع الضريبة لخزينة السلطة في رام الله والتي تحصل مجمل أرباحها من المواطن في غزة.
وأضاف "من أبرز ملامح الواقع الحالي للتطبيق الضريبي في قطاع غزة تغير الاجراءات الخاصة بتقدير ضريبة الدخل وطرق تحصيلها، وزيادة الأعباء الضريبية على المواطن".
وبيّن أبو شنب أن الازدواج الضريبي في ضريبة القيمة المضافة والجمارك على السيارات، والتغير في إجراءات ضريبة القيمة المضافة خاصة ما يتعلق بالفاتورة الصفرية للمشاريع الممولة، فرض رسوم تعلية على العديد من السلع.
ضرورة مكافحة الفساد
من ناحية أخرى، تحدثت منسقة المناصرة والمسائلة المجتمعية في مؤسسة "أمان" مروة أبو عودة عن العلاقة بين مؤشرات الحكم الرشيد وتنمية العوائد الضريبية، إذ كُلما ازدادت قدرة الدولة على مكافحة الفساد كلما ازدادت حصيلة العوائد الضريبية.
وأضافت "كلما ازدادت نسبة المساءلة والمشاركة من المواطنين حول الخدمات العامة كلما كانت الدولة أكثر قدرة على إحداث تنمية في حصيلة العوائد الضريبية؛ وأنه كُلما ازدادت فعالية الحكومة في تقديم الخدمات بجودة عالية وأكثر استقلالية عن الضغوطات السياسية، كلما ازدادت حصيلة العوائد الضريبية".
وشددت أبو عودة على ضرورة وضع استراتيجية وطنية لحكومة التوافق الوطني لمكافحة الفساد وتعزيز مبادئ الحكم الرشيد، والاعتماد على مبدأ المحاسبة والمسائلة وتعزيز مبدا النزاهة والافصاح عن المعلومات لتعزيز الثقة للمواطنين.