يجد الأسير الصحفي محمد القيق نفسه مضطرًا للاستعداد لخوض معركة "الأمعاء الخاوية"، بعد أن اعتقله جيش الاحتلال الإسرائيلي مرة أخرى، دون تهمة، لكن الاحتلال يتخوف هذه المرة من اعتقاله إداريًا بفعل التضامن الواسع الذي حظيت به قضيته في المرة السابقة.
وبرز اسم القيق خلال فعاليات تضامنية على مدار ثلاثة أشهر خاض فيها إضرابًا مفتوحًا عن الطعام، رفضًا لاعتقاله الإداري دون تهمة، في الفترة الممتدة بين أواخر ديسمبر 2015 وحتى أواخر فبرير 2016.
والقيق (33 عامًا) من مدينة دورا بالخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة، ويسكن في بلدة بير زيت شمال رام الله، اعتقله قوات الاحتلال من جديد منتصف الشهر الجاري، وشرع منذ لحظتها بالإضراب عن الطعام، لكنه أرجأه عند بداية التحقيق معه، وعدم تحويله للاعتقال الإداري.
وفي ليل 25 الجاري، اقتحمت قوات الاحتلال منزل القيق بأسلوب عنيف، وحطّمت ممتلكات العائلة، وفتّشت زوجته تفتيشًا دقيقًا، قبل أن تستدعيها للتحقيق في سجن "عوفر" حول نشاطات زوجها، في نفس الوقت الذي اقتحمت فيه منزل عائلته بالخليل.
زوجة القيق الإعلامية فيحاء شلش، والتي لم تنتهِ بعد من شرح معنى "الإضراب" لأطفالها، وامتناع والدهم عن الطعام لثلاثة أشهر خلال العام الماضي، تجد نفسها مضطرة لتفسير ذلك مرة أخرى لهم.
لا تُهم
ومنذ اعتقال القيق في 15 الجاري، ما زال الاحتلال "يتخبط" في التهمة التي سيوجهها له، وفق زوجته، فتارة يقدم ملفات للمحكمة لإعادته إلى القضية التي اعتقل عليها مسبقًا، وأخرى يدّعي أن شابًا (لم يذكر اسمه) اعترف عليه بممارسة نشاطات مقاومة للاحتلال.
ويوم الاثنين الماضي، جرى تحويل ملف الأسير القيق للحاكم العسكري للبت في تحويله للاعتقال الإداري خلال 72 ساعة.
وتقول شلش، لوكالة "صفا"، إن زوجها الأسير استُدعي من أقسام الأسرى في سجن "عوفر" وحُوّل إلى مركز تحقيق "بتاح تكفا"، ليبدأ معه تحقيق بقضية جديدة حتى اليوم.
"انتزاع أدلة"
وترى شلش أن الاحتلال يخشى من تحويل زوجها للاعتقال الإداري، لأنه جاهز ومستعد للإضراب عن الطعام مهما وصلت مدته، فلجأ للضغط على العائلة بطرق متعددة لانتزاع أي دليل يثبت أي تهمة على محمد.
وتضيف "لم يكن الإضراب الماضي أمرًا سهلًا لأنه صراع مع السجان. زوجي لا يسعى للإضراب بقدر ما يسعى لكسر الطوق الذي يفرضه الاحتلال بالاعتقال الإداري".
ووفق شلش، فإن الأسير القيق بعد إضرابه الأول عن الطعام أصبح مؤثرًا على الساحة الوطنية، وبات يسعى الاحتلال لتغييبه بأي طريقة كانت.
وتتابع "نقل محمد للتحقيق يوحي بمحاولة جاهدة للاحتلال بتوجيه تهمة له بدلًا من اعتقاله إداريًا، رغم أن الإداري وارد لعدم وجود أي براهين أو تهم ضده".
بدوره، يقول همام شقيق القيق إن محمد "سيكسر قرار الاحتلال كما كسره في السابق".
ويضيف، لوكالة "صفا"، "محمد وباقي الأسرى يقفون ضد قضية يتعرض لها جميع الشعب (الاعتقال الإداري)، ويحتاجون إلى وقفة من الجميع في تحدي الاحتلال".
أطفال في المواجهة
إسلام (4 أعوام)، ولور (عامان) أطفال القيق الذيَن باتوا يتدربون على حفظ مصطلحات السجون والإضرابات قبل تعلمهم الأبجدية.
وعن ذلك تقول شلش: "أطفالنا كبروا على وقع الإضرابات ويسألون دومًا عما يحدث لوالدهم".
"ليش الجيش بيجوا على الدار؟ وليش بوخذوا بابا على السجن؟".. تلك أسئلة يطرحها إسلام على والدته بشكل يومي، لكنه يرد على نفسه بالقول: "بدي أضربهم".
بينما تصحو الصغيرة "لور" في منتصف الليل لتبكي وتبحث عن والدها، وفق ما تقول والدتها فيحاء.
ووسط المتاعب التي تحملتها الزوجة بفعل تغييب محمد تقول: "اعتقال زوجي جعل وضعنا في غاية الصعوبة، لكني وأطفالي مستعدون للمواجهة من جديد لمساندة زوجي حتى كسر قيده".