مع حلول ساعات الصباح الباكرة، تصل سماح إلى مكان عملها في شركةٍ للأخشاب في مدينة غزة، بعد أن تقطع يوميًا نحو 20 كيلومترًا ذهابًا وإيابًا لإتمام عملها.
سماح شاهين (36 عامًا) التي تقطن مخيم البريج وسط القطاع تفننت في مهنتها الحرفية المتمثلة في الرسم الآلي على ألواح الأخشاب المستخدمة في أعمال الديكور المكتبي والمنزلي.
وتعرف سماح تفاصيل حرفتها جيدًا، حيث تباشر بحمل ألواح الخشب وتُدخلها إلى آلة تعمل على نقش رسوماتٍ فنية متقنة، ثم تُحفف زوايا تلك الألواح بطرقها بمطرقة فولاذية.
ولا يتوقف العمل عند الطرق فحسب؛ حيث تُكمل سماح سنفرة الألواح بكشطها جيدًا بورق الزجاج لتُكسبها ملمسًا ناعمًا يُرضي الزبائن، فيما تُشكل ذرات الخشب والغبار الدقيق بديلاً لمساحيق التجميل التي قد تستخدمها فتاة أخرى.
وبعد تجهيز تلك الألواح؛ تُعاود سماح نقلها إلى متجرها في المُخيم، نظرًا لافتقاره إلى آلةٍ مماثلة لقطع الأخشاب، ما يزيد عليها أعباءً جسدية مالية إضافية.
وتقول سماح إنها تعلمت فن النقش الآلي على الخشب باستخدام تقنية (CNC) في الجامعة في برنامج خصصته إدارة الجامعة لذوي الاحتياجات الخاصة.
وتضيف لـ"صفا" أنها اضطرت للعمل في هذه المهنة بعدما أخفقت في الحصول على مهنة تليق بأنوثتها، على الرغم من أنها تحمل شهادةً في السكرتارية، بحجة وجود إعاقةٍ بسيطة في إحدى يديها.
فن الحفر على الخشب باستخدام الكمبيوتر، شكَل فرصةً نادرة لدى سماح لإثبات قُدراتها، فقد أصبح بمقدورها أن تُدر دخلاً على والدتها وشقيقتيها اللواتي يعشنّ معها في منزل واحد.
وتقول: "لم يكن الأمر سهلاً في البداية، فالتحاقي بهذه الأعمال التي تحتاج قوة رجولية كانت عائقًا أمام من عرفوا بمهنتي الجديدة، لكن عدد زبائني اليوم والدعوات التي أتلقاها للمشاركة في معارض محلية أثبتت عكس ذلك تمامًا".
نجاح سماح في هذا المجال الحِرفي كان استثنائيًا؛ فعلى الرغم من مشاق تلك المهنة، لم تكن سماح مجرد عارضةً لتلك المنتجات، فهي تعمل في هذه المهنة بدءًا من قطع الخشب الخام، مرورًا بصنفرتها وانتهاءً بنقشها آليًا.
وقام مشروع "إرادة" بتمويل كامل لمشروع إقامة متجر لسماح بعد أن حصلت على المرتبة الأولى، خلال فترة التدريب على هذا الفن من بين 12 فتاةً أخرى.
وتطمح "سماح" وهي تنثر بيدها ما تبقى من غبار على ملابسها، أن تمتلك آلة قطع وحفر آلي، لتوفر الجهد والوقت والمال، آملةً في أن يُغير المجتمع نظرته لمهن الرجال وإمكانية النسوة المشاركة معه في معظم أعماله.