لم تنته بعد

عمر نايف.. حواري جنين وحكاية الأبطال الثلاثة

جنين - خاص صفا

يعرف الجيل القديم ممن عايشوا فترة الثمانينات من القرن الماضي في مدينة جنين شمال الضفة الغربية المحتلة حكاية ثلاثة أصدقاء أبطال، أخذهم حب الوطن وهم في مقتبل العمر لتنفيذ عملية أثارت ردود فعل كبيرة آنذاك.

عمر نايف زايد وشقيقه حمزة ورفيقهما سامر المحروم (17عامًا) من مدينة جنين، والحديث يدور عن عام 1986 حينما هاجموا مستوطنًا في مدينة القدس المحتلة فأردوه قتيلًا، ولم تكن الانتفاضة الأولى اندلعت آنذاك، وكان القيام بفعل كهذا يحمل "تبعات وخيمة".

وعلى إثرها اعتقل الشبان الثلاثة والذين كانوا كوادر في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ولوحقت عائلاتهم وكانوا ويحظون بمحبة الجميع في هذه المدينة الصغيرة جنين، وعانوا الأمرين جراء ممارسات الاحتلال الإسرائيلي.

كسر القيود بطريقته

فترة قصيرة بعد الاعتقال وحكم على ثلاثتهم بالمؤبد، فدخلوا السجن معا بحكم واحد لتمضي السنة تلو الأخرى، وهنا قرر عمر كسر قيود السجن على طريقه فأضرب عن الطعام عام 1990 بذروة الانتفاضة الأولى لـ 40يومًا نقل على إثرها إلى مستشفى في بيت لحم، تحت حراسة إسرائيلية مشددة.

وكان عمر أحكم خطته جيدًا مستغلًا وجوده في المستشفى وهرب من السجن بتاريخ 21-5-1990، الأمر الذي جنون سلطات الاحتلال فشنت حملات دهم وتفتيش واسعة النطاق للعثور عليه لكنها فشلت، فعمر معروف عنه بأنه شاب ذكي.

وأمضى أشهرًا قليلة متخفيًا عن الأنظار إلى أن تدبر أمر هروبه إلى خارج الأراضي المحتلة بجواز سفر مزور لينجح هذه المرة في وقف ملاحقته وكسر قيود الاحتلال مرتين.

مستقرًا ببلغاريا

تنقل عمر بعد خروجه من فلسطين المحتلة أربع سنوات في دولة عربية عدة إلى أن لجأ إلى بلغاريا، ثم تزوج وأنجب ثلاثة أبناء يحملون الجنسية البلغارية.

ويقول أصدقاء لعمر لمراسل "صفا" إن حياة عمر لم تكن دون مراقبة طوال العقدين الماضيين فكان مراقبا من قبل السلطات البلغارية، وكان الاقتراب منه يعني المتابعة من قبل المخابرات البلغارية، لكنه بالمجمل كان حرًا ويمارس حياته الطبيعية.

ويقول شقيقه عماد لوكالة " صفا": "بقي الأمر كذلك حتى 17-12-2015 حين سلم الانتربول مذكرة جلب موجهة من سلطات الاحتلال للسلطات البلغارية تطالبها فيها بتسليم عمر المقيم على أراضيها وفق اتفافية التعاون الأمني بين الطرفين".

ويشير إلى أن سلطات الاحتلال استبقت الزمن، حيث أنه وبعد مرور 30 عاما على أية قضية لا يجوز ملاحقتها، فقررت سلطات الاحتلال ملاحقته قبل مضي المدة القانونية حسب الاتفاقات الأمنية بين الدول.

ويكمل: "لجأ عمر لسفارة فلسطين في بلغاريا طالبًا الحماية، فهي كانت الملاذ الوحيد الذي كان يمكن أن يفلت فيه من ملاحقة الأمن البلغاري إلى أن كان ما جرى اليوم".

واتهم الموساد بالوقوف خلف عملية اغتياله، مطالبًا بتحقيق شفاف في كافة الظروف والملابسات التي أحاطت بجريمة الاغتيال التي تمت في حرم سفارة فلسطين وليس في أي مكان آخر.

ولم تخل فترة لجوء عمر لسفارتنا في بلغاريا من مشادات بين الجبهة الشعبية ورئاسة السفارة، التي اتهمتها الجبهة بالتقصير ومحاولة التخلص من وجود عمر داخل السفارة في أكثر من بيان حينها.

سامر وحمزة

وفي الوقت الذي كسر فيه عمر قيوده بطريقته الخاصة إلى أن لقي الله شهيدًا، فإن رفيقي دربه سامر المحروم وشقيقه حمزة حررا في صفقة وفاء الأحرار عام 2012 بعد 27 عامًا في سجون الاحتلال.

فأبعد شقيقه حمزة بموجب الصفقة إلى الخارج، ويعيش حاليًا في الأردن، فيما أفرج عن المحروم في جنين ليتزوج حمزة وسامر من شقيقتين من جنين، لكن الاحتلال أعاد اعتقال سامر في إطار حملة إعادة اعتقال المحررين بالصفقة عقب قتل المستوطنين الثلاثة بالخليل قبل عامين.

استشهد عمر اغتيالًا في بلغاريا، فيما سامر خلف القضبان من جديد، وحمزة يعاني مرارة الإبعاد، ولم تنته الحكاية بعد.

/ تعليق عبر الفيس بوك

استمرار "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة