يجمعها ويشتريها منذ تسع سنوات

شاب من غزة يحتفظ بآثار من 7 حضارات بمنزله

غزة - هاني الشاعر - صفا

ينتابك مزيج من الدهشة والإثارة فور جلوسك في غرفة الشاب براء السوسي (19عامًا) من حي الرمال وسط مدينة غزة، فجميع ما حولك يشير إلى حضارات بالغة القدم.. قطع أثرية ونقود ورقية ومعدنية.

وعلى مدار تسع سنوات، تمكن الشاب السوسي من جمع تلك القطع واقتنائها، ووضعها داخل حجرته الصغيرة، فجمع عُملات معظم الدول والقارات والحضارات القديمة، ولاسيما الرومانية والبيزنطية واليونانية، التي يعود تاريخها لأكثر من سبع حضارات قديمة وحديثة مرت على فلسطين ومحيطها.

ويعد السوسي واحدًا من عدد الفلسطينيين الذين يهوون جمع القطع الأثرية، لكنه يعتبر أصغرهم سنًا.

هواية تطورت

ويوضح الشاب براء لمراسل وكالة "صفا" أن هوايته بدأت عندما شاهد مع صديقه قطعة عُملة قديمة قبل تسع سنوات، وقرر من وقتها البدء بجمع العملات القديمة والحديثة لمعظم دول العالم، "ثم تطور الأمر لجمع طوابع بريد فلسطينية قديمة، ومن ثم أصبحت أجمع واشتري أيضًا ما يتوفر من قطع أثرية وأضعها في خزانتي بالبيت". 

ويقول: "أصبح لدي نحو 4 ألاف طابع بريد، كان يُستخدم في المراسلات والمعاملات الفلسطينية القديمة، وبعدها عملت على جمع القطع المعدنية الفلسطينية والفواتير الضريبية، وشهادات لمطاحن كُبرى في حيفا ويافا".

وجمع السوسي آلاف القطع الورقية والمعدنية التي تعود لدول مختلفة حول العالم، كالعملة الروسية (روبيل) ذات الحجم الكبير- وهي الثانية من حيث الحجم عالميًا- والجنيه المصري، والعملة الصينية، والاسترالية، والأمريكية، والألمانية، والسعودية، والأردنية، والبحرينية، والليبية، والكويتية، والمجرية، والبرازيلية، واليونانية، والتركية، والأسبانية، والسورية، واللبنانية، والسودانية".

ويشير إلى أن تلك العملات يعود تاريخها لعشرات ومئات وآلاف السنين، كل حسب تاريخ صدورها، إذ جمع في هذا الإطار عُملات قديمة تعود للعصور الرومانية، واليونانية والبيزنطية، والعثمانية، البلطمية.

مُقتنيات مُختلفة

وما إن تفرغ من التمعن بالعملات الورقية التي وضعت في (ألبومات)، والمعدنية والبرونزية التي وضعت في أواني معدنية، تستوقف أمام مجموعة من الصور الفنية للفراعنة رُسمت حديثًا على أوراق (البردي)، بشكل فني عالِ ودقيق جدًا، وبجواره عدد من مقابض وأيدي قطع فُخارية تعود لنحو سبع حضارات أكثرها الرومانية والبيزنطية.

وبجانبه العديد من الأدوات التي كانت تُستخدم بتلك العصور، سواء خلال المهن، أو المعاملات، أو المباني، أو في تشييد القبور، كـ "قطع من مادة الرصاص كانت تُطلى على القبور بالعهد الروماني، ومعالق من الفضة لنفس العهد، وإبرة حياكة جلود وملابس، وأدوات الصياد، وزنات، وقطع ذهبية كانت تلبسها النساء بذلك العهد، مثل الحلق والسلاسل والأساور.

كذلك "فوهات زجاجات عطرية ومائية وزيتيه وغيرها، وأسنان حيوانات، وحجارة كريمة، وعقود نسوة، وأواني أنتيكا من العصور الحديثة، يقارب عمرها 80 سنة، مثل (صحون، كاسات، معالق، تحف، ساعة حائط) والتي تُستخدم في زينة المنازل، وهداية تذكار للجنيه الفلسطيني، وتذكار لجيمس كول مُكتشف أستراليا 1728.

ويقتني أيضًا "عُملة أثينا المنقوش عليها (بومة)، وهي من العُملات النادرة، وعملات شهيرة باسم (سحاتيت) تم نقشها بغزة، وقطع من حجارة فيروز، وعقيق، ومرجان، ولؤلؤ طبيعي، وتماثيل كنعانية، وقناع خشبي أفريقي، وتماثيل لقبائل أفريقية".

مستندات فلسطينية

وأكثر ما يُلفت الانتباه اقتناء الشاب السوسي لعملات ورقية ومعدنية ومستندات فلسطينية تاريخية خُطت بأكثر لغة، تحت مسمى "حكومة فلسطين"، وطوابع تاريخية بالمئات، استخدمت في كثير من المعاملات خاصة في البريد، وكاميرات تصوير يعود تاريخها لنحو 50 سنة تقريبًا.

ويواجه الشاب العديد من العوائق، أبرزها عدم توفر المال لشراء تلك القطع، خاصة وأن معظمها اشتراها بمبالغ متفاوتة، سوى القليل عثر عليه في مناطق أثرية كمنطقة شمال غرب غزة، وكلما توفر لديه مبلغ يشتري به، كذلك يعاني من قلة الاهتمام لاحتضان متحفه من قبل الجهات المُختصة، ما جعله يضعها في صناديق ويحتفظ بها في خزاناته.

وعلى الرغم من ذلك، يواصل السوسي-الطالب بجامعة القدس المفتوحة-تخصص "إدارة أعمال"، جمع تلك القطع والبحث عنها واقتنائها، دون توقف، لجعل بيته مُتحفًا فنيًا شاهدًا على عراقة فلسطين وماضيها الإسلامي العربي الأصيل، كـ "طابو" يؤكد ملكية هذه الأرض، والتي كانت ممرًا على مر العصور لمعظم الحضارات.

/ تعليق عبر الفيس بوك

استمرار "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة