الاعتقال على ذمة المحافظ.. احتجاز تعسفي غير مبرر

عناصر من الأجهزة الأمنية خلال تدريب
الضفة الغربية– خاص صفا
ازدادت في الآونة الأخيرة ظاهرة ما يسمى "الاعتقال على ذمة المحافظ"، في الضفة الغربية المحتلة، والتي طالت نشطاء سياسيين وآخرين معتقلين على قضايا جنائية، في ظل جدل حول طبيعة هذا الاعتقال ووضعه القانوني وآليات استخدامه. وكانت مؤسسات حقوقية ضمنت تقاريرها حول الانتهاكات في الأراضي الفلسطينية حوادث "الاعتقال على ذمة المحافظ"، ومنها الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، والتي أشارت في مختلف تقاريرها الشهرية والسنوية إلى تسجيل حالات بشكل مستمر من هذا القبيل. وتقول زوجة المحتجز أنس جود الله والمعتقل لدى جهاز المخابرات العامة إن زوجها معتقل منذ 10 أيام على ذمة محافظ نابلس، علما أنه أسير محرر منذ ثلاثة أشهر فقط، بعد أن اعتقل لدى الاحتلال عامين إداريا، وهو موقوف دون تهمة. وتضيف لوكالة "صفا": "راجعنا مكتب محافظ نابلس، لكنه نفى علاقته بالقضية، وقال إنه لا يعرف أي حيثيات عنه، متسائلة :" فكيف يستقيم أن يعتقل على ذمة المحافظ وفي ذات الوقت لا يعلم المحافظ عنه شيئا؟". وكذلك الحال مع المحتجز محمود عصيدة، والذي تم تحويله "للاعتقال على ذمة المحافظ"، لمنع تنفيذ مجموعة قرارات صدرت بالإفراج عنه بعد اعتقال 37 يوما، وهو محتجز في سجن أريحا. وسجلت عشرات حالات الاعتقال مؤخرا على تلك الخلفية، منها ما تم لنشطاء في حزب التحرير على خلفية ندوات وبيانات للحزب، وأخرى لنشطاء في حماس على خلفية فعاليات الانطلاقة وغيرها، وبعضها على خلفية مشاكل عائلية كما في حالة اعتقال مواطنين من عائلة زايد في بلدة اليامون في جنين. [title]قانون أردني قديم[/title] ويشير الباحث في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان محمد كمنجي إلى أن استخدام مصطلح اعتقال هو خاطئ من الناحية القانونية، فما يجري هو احتجاز، لأن المعتقل صفة قانونية تطلق على حالات مغايرة. ويقول لوكالة "صفا": "الأصل هو استخدام مصطلح " الاحتجاز على خلفية سياسية " وليس " الاعتقال السياسي"، لأنه لا شيء في القانون ولا الاتفاقيات الدولية ومواثيق حقوق الإنسان بهذه التسمية، وهذا خطأ شائع. وحول الاعتقال على " ذمة المحافظ " يشير كمنجي إلى أن جدلا كبيرا يدور حول هذا النوع من الاعتقال، ولكن مستنده القانوني يعود إلى قانون منع الجرائم الأردني رقم "7" لعام 1954، والذي أعطى هذه الصفة حينها لمن كان يطلق عليه "المتصرف" والتي فسرت بعد ذلك بالمحافظ. وينوه إلى أن صلاحية الاحتجاز هذه منحت للمحافظ ولم تمنح حتى للرئيس أو غيره، وحددت ظروف استخدام هذه الصلاحية في الحالات التي تتم على صفة الاستعجال، لأن المعتقل يشكل خطرا على الأمن العام والسلم الأهلي، ويتطلب اعتقاله بشكل آني ولا يسمح الوقت باستكمال الإجراءات المعتادة لاعتقاله من قبل الجهات المختصة. [title]شوائب قانونية[/title] ويضيف أن الاعتقال على ذمة المحافظ يكون لستة أشهر، ومشكلته أنه يعطل عمل القضاء، ويتم التذرع به من قبل الجهات التنفيذية بأنه ضروري، لأن قانون العقوبات المعمول به فلسطينيا قديم، ولا يواكب الأوضاع الراهنة، لأنه يستند لقانون العقوبات الأردني لعام 1954 وتعديلاته لعام 1967 والأوامر العسكرية الإسرائيلية بعد ذلك. ويؤكد كمنجي أن كثيرا من الحقوقيين لا يسلمون بهذا القانون، ويطعنون في السند القانوني له، على اعتبار أن "قانون منع الجرائم الأردني غير دستوري ومخالف للمرسوم الرئاسي بشأن اختصاصات المحافظين رقم 22 لسنة 2003، ومخالف لقانون الإجراءات الجزائية رقم 3 لسنة 2001". وكذلك مخالفته المادة رقم "11" من الدستور التي تنص على "لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد، إلا بأمر قضائي وفقًا لأحكام القانون"، فالأمر القضائي لا يصدر إلا من النيابة العامة باعتبارها جهة تحقيق" ، كما تنص المادة "119" من الدستور "يلغى كل ما يتعارض مع أحكام القانون الأساسي". ولكن نشطاء يطعنون من حيث الممارسة بهذا النوع من الاعتقال، ويشير الناشط محمد الكيلاني إلى أن غالبية الاعتقالات التي تتم على هذا البند ليس فيها خطر على السلم الأهلي، فتوزيع منشور أو تعليق على الفيس بوك أو تنظيم ندوة أو ما شابه حالات ليس بها صفة الاستعجال. [title]ظروف خاصة[/title] ولكن المستشار القانوني لوزارة الداخلية الفلسطينية أحمد ذبالح يؤكد أن لهذا القانون ضرورة أمنية، ويوفر للجهات الأمنية ملاذًا للحفاظ على الأمن في حالات خاصة. ويقول: "أحيانا تكون الإجراءات القضائية باستمرار التوقيف للمتهمين أو إخلاء سبيلهم، محكومة بإجراءات شكلية ومتطلبات وردت في القوانين السارية في فلسطين، مما يشكل عائقا أمام احتجاز أشخاص يشكلون خطرا على الأمن العام فيتم تفعيل هذه الصلاحية". ويبين أن القانون منح هذه الصلاحية للمحافظ، في حال تبين أن هناك شخصا يشكل خطرا على الأمن العام، ويتطلب اعتقاله لمنع جريمة أو خطر فيلجأ المحافظ لتوقيفه على ذمته.

/ تعليق عبر الفيس بوك

استمرار "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة