الداخل المحتل-رشا بركة-صفا
بعد انتظار لثلاث سنوات منذ تقدمت الفلسطينية "ع" بطلب لدى وزارة المعارف الإسرائيلية من أجل توظيفها في إحدى المدارس التابعة لها تفاجأت باتصال هاتفي يبلغها بعدم وجود وظيفة شاغرة لها. وبدأت المعلمة "ع" منذ عام 2010 معاناتها في التقدم لوظيفة بإحدى المدارس التي تعلم باللغة العربية، والتي واجهت خلالها مماطلة وتسويف إلى أن تم رفضها في نهاية المطاف "لأنها ترتدي الحجاب". وتشكل هذه الحالة واحدة من مئات حالات التمييز العنصري الذي تتعرض له النساء الفلسطينيات داخل "إسرائيل"، في حقهن بالتوظيف بشكل خاص وحقوق المواطنة بشكل عام. وكانت صحيفة "هآرتس" العبرية تطرقت لحالة المربية "ع" والتي رفعت دعوى ضد وزارة المعارف الإسرائيلية وبلدية إيلات، على خلفية عدم توظيفها في مدارس المدينة، بسبب ارتدائها الحجاب والملابس الشرعية. وتقول المعلمة في دعوتها التي قدمتها لدى هيئة "مركاز تموراه" القانونية "إنها حاولت طوال 3 سنوات العمل في أي واحدة من المدارس في إيلات التي تفتقد أصلاً لمدرسين، لكن وزارة المعارف والبلدية رفضتا قبولها للوظيفة دون أي أسباب مقنعة". وعلمت "ع" من سكرتيرة بوزارة المعارف أنه "لا داع للمخاوف والقلق من كونها عربية مسلمة ترتدي الزي الشرعي، لأن المدرسة المذكورة مدرسة حكومية رسمية، وليست دينية". وبعد شهر تلقت المربية اتصالاً من سكرتيرة جديدة تبلغها بـ "أنه لا تتوفر أية فرصة للمعلمة العربية في التدريس في إيلات". [title]لأنها امرأة وعربية[/title] ويقول المحامي خالد تيتي "إن المشاكل التي تواجهها النساء العربيات بشكل عام والفلسطينيات بشكل خاص أكبر من موضوع الحجاب وتتعداه بكثير، موضحًا أنهن يواجهن صعوبة في الانخراط بسوق العمل حتى غير المحجبات منهن". ويضيف لوكالة "صفا" أن المرأة العربية تواجه العنصرية في "إسرائيل" لسببيْن الأول أنها امرأة والثاني لكونها عربية، ولهذا فهي تعاني الأمرين. وإضافة إلى ذلك فإن المرأة الفلسطينية تعاني من تراكمات اجتماعية سابقة تمثل حواجز أمامها حتى قبل توجهها لسوق العمل، فهي تعاني خلال دراستها الجامعية من عدم قبول الأخر لها. ويؤكد تيتي الذي ينشط في الدفاع عن حقوق المرأة في التجمع الديمقراطي بالتنسيق مع 6 جمعيات ومؤسسات نسوية أن نقطة انطلاق النساء الفلسطينيات لسوق العمل متأخرة بكثير عن اليهوديات، وذلك لأنهن لا يتمتعن بالإمكانيات والمزايا التي تتمتع بها اليهوديات. ويفيد أن 22% فقط من النساء العربيات بشكل عام منخرطة في سوق العمل، وفي المقابل فإن 65% من النساء اليهوديات منخرطات في سوق العمل ويتمتعن بوظائف ودخل عالي. ونظرًا للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية للمجتمع العربي وعدم وجود قطاعات للتوظيف أو سوق للعمل، فإن معظم العرب بشكل عام والنساء يضطرون للعمل في السوق الإسرائيلي. وكما يقول تيتي "إن نسبة خط الفقر في الوسط العربي تصل إلى 60% من بين مليون و300 ألف مواطن، وهذا يعود أحد أهم أسبابه إلى انخفاض مصدر الدخل لدى العائلات العربية، وحتى تلك التي يوجد مصدر دخل فإنه يعاني صعوبات في نوعية عمله وتدني الدخل. وتعاني النساء العربيات المتزوجات من عدم وجود حاضنات لأطفالهن في حال أردن التوجه لسوق العمل، وذلك يعود أيضًا إلى نسبة الفقر وتردي كافة القطاعات في المجتمع العربي، وفق تيتي. [title]معاملة سيئة[/title] وتجاه هذا الواقع المرير للمرأة، بادر العديد من النواب العرب في الكنيست الإسرائيلي ومؤسسات وجمعيات نسوية لبذل الجهود من أجل وضع حد لها وإقرار حقوقها في "إسرائيل"، ولم تنجح هذه الجهود إلا في زيادة نسبة بسيطة جدًا للنساء في قطاع التعليم والصحة. ولا تقتصر معاناة المحجبات على القطاع الوظيفي، ففي حوادث عديدة يتعرضن إلى مضايقات ومعاملة سيئة في المؤسسات والمحال العامة. وتسرد المحامية في مركز "عدالة" القانوني لحقوق الأقلية العربية في الداخل المحتل سوسن زهر إحدى هذه الحالات، بالقول: "توجهت إلينا مجموعة من الفلسطينيات المحجبات لتعرضهن إلى مضايقة ومعاملة سيئة في إحدى مجمعات الشراء التجارية بـ"تل أبيب". وتضيف لوكالة "صفا" المعاملة السيئة والتمييز يتنوع سواء تجاه المحجبة أو غيرها، ونحن نتلقى شكاوى من عدة حالات ونحاول معالجتها وإنصافهن بالقانون. وفي إحدى حالات الرفض بسبب الحجاب، أبلغت إحدى المدارس بـ"تل أبيب" معلمة فلسطينية بـ"أن رداءها الشرعي مخالف لنظام المدرسة وسيصعب على التلاميذ تقبله كونهم يتأثرون بما يعرفونه عن العرب، ونتيجة لذلك تم دعوتها للتنازل عن طلبها للوظيفة". وتفيد نتائج بحث أجراه مركز "كيان" النسوي في الداخل المحتل أن 88% من النساء العاملات الفلسطينيات يحصلن على معاش أقل من الحد الأدنى للأجور و80 % لا يحصلن على قسيمة راتب و68% منهن لم تتلق أجرًا مقابل الساعات الإضافية، ولم يتم إعطاؤهن الإجازات في الأعياد، إضافة إلى 92% لم يتلقيّن مخصصات تقاعد. [title]"صفر" ببعض القطاعات[/title] ويقول النائب في الكنيست الإسرائيلي إبراهيم صرصور لوكالة "صفا" إن وجود المرأة العربية يصل إلى نسبة الصفر في العديد من قطاعات العمل بـ"اسرائيل". ويضيف أن ذلك يأتي في إطار التمييز الممارس ضد العرب بشكل عام من قبل الجهات الحاكمة والمؤسسات التابعة لها سواء على الصعيد الأكاديمي أو الدوائر في القطاع العام وحتى الخاص. وينقسم التمييز العنصري في "إسرائيل" إلى 3 أنواع هي: التمييز الخفي والواضح والتمييز المؤسساتي وهو الأوسع نطاقًا ضد العرب. ويشير النائب إلى أن إعلانات الوظائف ذاتها في "اسرائيل" تعكس تمييزًا عنصريًا، من خلال وضع اشتراطات تضمن الجهات المعلنة توفرها في اليهودي وعدم توفرها في العربي. وينوه إلى أن التمييز بشكل خاص ضد النساء المحجبات أكثر من هذا المجال كونهن يتميزن عن غيرهن بارتداء الزي الشرعي.